للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلوان مَدِينَة كَثِيرَة النزه فَوق مصر بِمِقْدَار خَمْسَة أَمْيَال كَانَت مسكن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وَالِد عمر بن عبد الْعَزِيز وَبهَا ولد عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقَالَ الْعَلامَة السُّبْكِيّ فِي تَارِيخه عِنْد ذكر الْحَاكِم ولنذكر شَيْئا من صِفَاته القبيحة وَسيرَته الملعونة أَخْزَاهُ الله وَلَا وَقَاه شرا كَانَ قبحه الله كثير التلون فِي أَفعاله وأقواله جَائِزا فِي كَيْفيَّة بُلُوغ مَا يؤمله لِأَنَّهُ كَانَ يروم أَن يَدعِي الألوهية كَمَا ادَّعَاهَا قَارون فِي زمن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام فَكَانَ قد أَمر الرّعية إِذا ذكره الْخَطِيب على الْمِنْبَر أَن تقوم النَّاس على أَقْدَامهم صُفُوفا إعظاماً لذكره واحترامَاً لاسمه فَكَانَ هَذَا يفعل فِي سَائِر ممالكه حَتَّى فِي الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَكَانَ أهل مصر على الْخُصُوص إِذا قَامُوا خروا سجدا حَتَّى إِنَّه يسْجد بسجودهم من فِي الْأَسْوَاق من الرعاع وَغَيرهم وابتنى الْمدَارِس وَجعل فِيهَا الْفُقَهَاء والمشايخ ثمَّ قَتلهمْ وخربها وألزم النَّاس بإغلاق الْأَسْوَاق والدكاكين نَهَارا وَفتحهَا ليلَا فامتثلوا ذَلِك دهرَاً طَويلا حَتَّى اجتاز مرّة بشيخ يعْمل النجارة فِي أثْنَاء النَّهَار فَوقف عَلَيْهِ وَقَالَ ألم أنهكم عَن هَذَا فَقَالَ يَا سَيِّدي أما كَانَ النَّاس يسهرون لما كَانُوا يتعيشون بِالنَّهَارِ فَهَذَا من جملَة السهر فَتَبَسَّمَ وَتَركه وَأعَاد النَّاس إِلَى أَمرهم الأول وكل هَذَا مِنْهُ تَغْيِير للرسوم واختبار لطاعة الْعَامَّة ليرقى إِلَى مَا هُوَ أهم من ذَلِك لَعنه الله وَقد كَانَ يعْمل الْحِسْبَة بِنَفسِهِ يَدُور فِي الْأَسْوَاق على حِمَاره فَمن وجده قد عثر فِي معيشته أَمر عبدَاً أسود مَعَه يُقَال لَهُ مَسْعُود أَن يفعل بِهِ الْفَاحِشَة العمطى وَهَذَا أَمر مُنكر مَلْعُون لم يسْبق إِلَيْهِ لَعنه الله وَكَانَت الْعَامَّة يبغضونه ويكتبون لَهُ الأوراق الَّتِي فِيهَا الشتيمة البليغة لَهُ ولأسلافه وحريمه فِي صُورَة قصَص فَإِذا قَرَأَهَا ازْدَادَ حنقَاً عَلَيْهِم حَتَّى إِن أهل مصر حملُوا صُورَة امْرَأَة من ورق بخفها وإزارها وَفِي يَدهَا قصَّة فِيهَا من الشتم والقبائح شَيْء كثير فَلَمَّا رَآهَا ظَنّهَا امْرَأَة فَذهب من ناحيتها وَأخذ الْقِصَّة من يَدهَا فقرأها فَرَأى مَا فِيهَا فأغضبه جدا وَأمر بقتل تِلْكَ الْمَرْأَة فَلَمَّا تحققها من ورق ازْدَادَ غيظاً على غيظه ثمَّ لما وصل إِلَى الْقَاهِرَة أَمر العبيد من السودَان أَن يذهبوا إِلَى مصر فيحرقوها وينهبوا مَا فِيهَا من الْأَمْوَال والحريم فَذهب العبيد فامتثلوا مَا أَمرهم بِهِ فَقَاتلهُمْ أهل مصر قتالَا عَظِيما ثَلَاثَة أَيَّام وَالنَّار تعْمل فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>