أخرجه وَبَاعه بأبخس الْأَثْمَان وَهُوَ مُضْطَر جوعان وَلم يتمتع بِهِ فِي هَذِه الدَّار وَهُوَ محاسب عَلَيْهِ فِي دَار الْقَرار ثمَّ اتّفق رَأْي البساسيري وقريش بن بدران على تسيير الخلفة من بَغْدَاد وتسليمه إِلَى أَمِير حَدِيثَة عانة وَهُوَ مهارش بن مجلى البدري وَهُوَ من بني عَم قُرَيْش بن بدران وَكَانَ رجلا صَالحا قلت حَدِيثَة عانة بليدَة بَين حلب وبغداد مَشْهُورَة مَذْكُورَة إِلَى الآَن النِّسْبَة إِلَى جزئا الأول فَيُقَال فلَان الحديثي انْتهى فَلَمَّا بلغ الْخَلِيفَة ذَلِك دخل على قُرَيْش بن بدران أَلا يُخرجهُ من بَغْدَاد فَلم يفد ذَلِك شَيْئا وسيروه مَعَ أَصْحَابه إِلَى حَدِيثَة عانة فَكَانَ عِنْد مهارش أميرها حولا كَامِلا وَلَيْسَ مَعَه أْحد من أَهله فحكي عَن الْقَائِم أَنه قَالَ لما كنت بحديثة عانة قُمْت لَيْلَة إِلَى الصَّلَاة فَوجدت فِي قلبِي حلاوة الْمُنَاجَاة ثمَّ دَعَوْت الله تَعَالَى فَقلت اللَّهُمَّ أعدني إِلَى وطني واجمع بيني وَبَين أَهلِي وَوَلَدي وَيسر اجتماعنا وَأعد روض الْأنس زاهراً وَربع الْقرب عَامِرًا فقد قل العزاء وبرح الخفاء قَالَ فَسمِعت قَائِلا على شط الْفُرَات يَقُول نعم نعم فَقلت هَذَا رجل يُخَاطب آخر ثمَّ أخذت فِي السُّؤَال والابتهال فَسمِعت ذَلِك الصائح يَقُول إِلَى الْحول إِلَى الْحول فَعلمت أَنه هَاتِف أنطقه الله تَعَالَى بِمَا جرى الْأَمر عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك فَإِنَّهُ خرج من دَاره فِي ذِي الْقعدَة من هَذِه السّنة وَرجع إِلَيْهَا فِي ذِي الْقعدَة من السّنة الْمُقبلَة كَمَا سَنذكرُهُ الْآن وَلما كَانَ يَوْم عيد الْأَضْحَى ألبس البساسيري الخطباء والمؤذنين الْبيَاض وَعَلِيهِ هُوَ وَأَصْحَابه كَذَلِك وعَلى رَأسه الْأَوْلَوِيَّة المستنصرية والقطاريف المصرية وخطب للمستنصر الفاطمي صَاحب مصر وَالرَّوَافِض فِي غَايَة السرُور وانتقم من أَعْيَان أهل بَغْدَاد انتقاماً عَظِيما وغرق خلقا كثيرا وَقتل من الْعلمَاء جمعا وَلما كَانَت لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لليلتين بَقِيَتَا من ذِي الْحجَّة أحضر بَين يَدَيْهِ الْوَزير ابْن الْمسلمَة وَعَلِيهِ جُبَّة صوف وطرطور من لبد أَحْمَر وَفِي رقبته مخنقة من جُلُود فأركب جملا وطيف بِهِ فِي الْبَلَد وَخَلفه من يصفعه بِقِطْعَة جلد وَحين أجَاز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute