فِي ديوَان السُّلْطَان بِمصْر من خدمَة السُّلْطَان جقمق العلائي وَمن بعده وَكَانَ هَذَا بيسق الْأَمِير من أهل الْخَيْر رَحمَه الله ثمَّ كثرت الْفِتَن بِمصْر من الْأُمَرَاء الظَّاهِرِيَّة على فرج إِلَى أَن ضجر من ذَلِك وهرب من القلعة بعد الْعشَاء لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ سادس ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة فاختفى عِنْد سعد الدّين بن عرب أحد رُءُوس المباشرين فأخفاه عِنْده فَأصْبح الْأُمَرَاء فاقديه فأقاموا فِي السلطنة أَخَاهُ الْملك الْمَنْصُور عبد الْعَزِيز بن برقوق فتلاشت أُمُور المملكة لصِغَر سنه وَاخْتِلَاف الْأُمَرَاء عَلَيْهِ فَظهر النَّاصِر فرج بعد هروبه واختفائه وَركب مَعَه أُمَرَاء من مماليك أَبِيه فَأخذ القلعة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَانمِائَة وثمان وَنفى أَخَوَيْهِ عبد الْعَزِيز وَإِبْرَاهِيم إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فتوفيا بهَا واتهم فرج بِقَتْلِهِمَا فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة ثمَّ صَار الْملك النَّاصِر يتتبع أعداءه من الْأُمَرَاء فيقتلهم وَاحِدًا بعد وَاحِد فتجمعوا عَلَيْهِ وَخَرجُوا عَن طَاعَته وقاتلوه فَهَزَمَهُمْ وَخَرجُوا إِلَى الشَّام فَتَبِعهُمْ وصاروا يمكرون بِهِ ويهربون عَنهُ ويتعبونه فِي طَلَبهمْ إِلَى أَن مل مِنْهُ الخدم والأتباع فصادفوه فِي طَلَبهمْ بعد التَّعَب والدأب وَهُوَ وَمن مَعَه قد أتعبوا خيولهم فِي طَلَبهمْ من الْعشَاء إِلَى الصَّباح وأشرفوا عَلَيْهِ فَحمل النَّاصِر وَمن مَعَه وهم نفر قَلِيل على أعدائه وهم متوفرون كَثِيرُونَ فَمَنعه أَصْحَابه من هَذِه الحملة وَعَلمُوا أَنهم فِي قلَّة فَلم يطعهم وأطاع غروره وجهله واغتر بشجاعته وَظن أَن لَا يُقَابله أحد فدارت عَلَيْهِ الدَّوَائِر فَمَا كَانَ للناصر من قُوَّة وَلَا نَاصِر فأُخِذَ وَقيد وَحبس بقلعة دمشق إِلَى أَن قتل بأيدي المشاعلية بالسكاكين فِي لَيْلَة السبت منتصف صفر سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَأُلْقِي بعد هَذِه القتلة على سباطة مزبلة وَهُوَ عُرْيَان عَن اللبَاس تمر بِهِ النَّاس تنظر إِلَى ذَلِك الْبدن الممتهن والجسد العاري الممتحن إِلَى أَن عطف الله بعض الْأَنَام بعد عدَّة أَيَّام فَحَمله وغسله وكفنه وواراه فِي مَقْبرَة بَاب الفراديس وَوَقع فِي أَيَّام فرج بن برقوق الْمَذْكُور أَن سُلْطَان كاله من سلاطين الْهِنْد وَهُوَ غياث الدّين أعظم شاه بن إسكندر شاه أرسل إِلَى الْحَرَمَيْنِ الشريفين صَدَقَة كَبِيرَة مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute