فِي دُنْيَاهُ وَأظْهر التجمل فِي ملبسه ومثواه وشوا بِهِ إِلَى السُّلْطَان فَيُرْسل إِلَيْهِ يطْلب الْقَرْض ويصفي أَمْوَاله ويسلمه إِلَى الصوباشي ليَأْخُذ مَاله وَيهْلك أهلة وَعِيَاله وَجمع هَذَا الْبَاب أَمْوَالًا عَظِيمَة وخزائن وَاسِعَة ذهب فِي آخر الْأَمر سدى وَتَفَرَّقَتْ بيد العدى وتمزقت بدداً وَأما الْمِيرَاث فَبَطل فِي أَيَّامه وَصَارَ إِذا مَاتَ أحد يَأْخُذ مَاله جَمِيعه للسلطنة وَيتْرك أَوْلَاده فُقَرَاء إِلَّا إِن اعتني بِهِ اعتناء كَبِيرا جعل لَهُ نزراً يَسِيرا من مَاله أَبِيه وَأخذ لنَفسِهِ بَاقِيه وَكثر ظلمه فِي آخر أَيَّامه فَاسْتَجَاب الله فِيهِ دُعَاء المظلومين وقُطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَحكي عَن شخص من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى مجاب الدعْوَة أَنه رأى بِمصْر فِي أَيَّام الغوري جندياً من الشراكسة أَخذ مَتَاعا من دلال وَلم يُرضِه فِي قِيمَته فَتَبِعَهُ الدَّلال يطْلب مِنْهُ حَقه وَهُوَ مُمْتَنع فَقَالَ لَهُ الدَّلال بيني وَبَيْنك شرع الله فَضَربهُ الجندي بالدبوس فشج رَأسه وَقَالَ هَذَا شرع الله فَسقط الدَّلال مغشيّاً عَلَيْهِ وَمضى الجندي بالمتاع وَمَا قدر أحد من الْمُسلمين على مَنعه من فعله قَالَ الشَّخْص فصعب عَليّ هَذَا الْحَال فَرفعت يَدي إِلَى الله تَعَالَى ودعوت الله عز وَجل على الجندي الْمَزْبُور وسلطانه وَحزبه وإخوانه وعَلى الظلمَة من أعوانه فصادف سَاعَة إِجَابَة وَقبُول واقترن السُّؤَال بِحُصُول الْمَسْئُول فَبت تِلْكَ اللَّيْلَة على طَهَارَة وَأَنا أفكر فِي أَمرهم وأحدث نَفسِي كَيفَ يَزُول ملك هَذَا السُّلْطَان الجائر وَقد مَلَأت جُنُوده الأَرْض وأنى للْمُسلمين بسُلْطَان رءوف رَحِيم عَادل كريم فَنمت فَرَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم مَلَائِكَة من السَّمَاء بِأَيْدِيهِم مكانس يكنسون الشراكسة من أَرض مصر ويلقونهم فِي بَحر النّيل فَلم يكن إِلَّا كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب حَتَّى وَقع ذَلِك ثمَّ إِنِّي استيقظت من نومي وَسمعت قَارِئًا يقْرَأ قَوْله تَعَالَى {فانتقمنا مِنْهُم فأغرقنهم فِي أَلِيم بِأَنَّهُم كذبُوا بئايتنا وَكَانُوا عَنْهَا غفلين} الْأَعْرَاف ١٣٦ فَعلمت أَن الله سَوف يَأْخُذهُمْ أخذا وبيلا فَمَا مضى على هَذِه الْوَقْعَة قَلِيل من الزَّمَان إِلَّا وبرز الغوري بجُنُوده وأمواله وبنوده وأثقاله وخزائنه وأنصاره وأعوانه من مصر لقِتَال السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان إِلَى حلب فجَاء الْخَبَر بعد قَلِيل بِأَنَّهُ كسر وَقتل أَكثر جُنُوده وفقد هُوَ تخت سنابك الْخَيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute