سنة تِسْعمائَة وَثَمَانِينَ وَتَمام التَّعْمِير فِي زَمَانه فأرخ ذَلِك جدي الْعَلامَة جمال الدّين العصامي بِشَطْر بَيت هُوَ قَوْله // (من الرجز) //
(تاريخُ هَدْمِ المَسْجِدِ ... فِى رَابِعِ العشْرِ بُدِي)
وَهُوَ تَارِيخ عَجِيب إِذا مَعْنَاهُ الحسابي يُؤَدِّي إِلَى تعْيين السّنة وَمَعْنَاهُ اللَّفْظِيّ يُؤَدِّي إِلَى تعْيين يَوْم البدأة وَسبب أمره الشريف بتعمير الْمَسْجِد أَن الرواق الشَّرْقِي مِنْهُ مَال إِلَى نَحْو الْكَعْبَة الشَّرِيفَة بِحَيْثُ برزت رُءُوس خشب سقفه الثَّانِي لِأَنَّهُ كَانَ مسقفاً سقفين بَينهمَا قدر ذراعين بِذِرَاع الْعَمَل عَن مَحل تركيبهما من جدر الْمَسْجِد وَذَلِكَ الْجدر هُوَ جدر مدرسة ألسلطان قايتباي وجدر مدرسة الْأَفْضَل الَّتِي هِيَ الْآن وقف عباد الله وَقدر مُفَارقَة الْخشب عَن مَوضِع تركيبه أَكثر من ذِرَاع وَمَال وَجه الرواق الشَّرْقِي إِلَى صحن الْمَسْجِد ميلًا ظَاهرا فبادر نظار الْحرم يصلحون ذَلِك الْمحل الَّذِي فَارق بتعديل خشب السّقف بأطول مِنْهُ وأعمدوا الرواق المائل إِلَى صحن الْمَسْجِد بأخشاب كبار حفر لَهَا فِي الْمَسْجِد تمسكه عَن السُّقُوط وَذَلِكَ كُله فِي دولة السُّلْطَان سُلَيْمَان وَاسْتمرّ متماسكاً على هَذَا الأسلوب من أَوَاخِر دولته إِلَى صدر دولة ابْنه مَوْلَانَا السُّلْطَان سليم ففحش ميل ذَلِك الرواق وَعرض على الْأَبْوَاب فبرزت الْأَوَامِر من السُّلْطَان سليم بالمبادرة إِلَى بِنَاء الْمَسْجِد جَمِيعه على وَجه الإتقان والإحكام وَأَن يَجْعَل عرض السّقف قبباً دَائِرَة بأروقة الْمَسْجِد ليؤمن تآكل الْخشب فعين لذَلِك بكلربكي مصر سَابِقًا فَخر الْأُمَرَاء الْعِظَام أَحْمد بك وأضيف إِلَيْهِ فِي هَذِه الْخدمَة سنجق جدة فوصل الْأَمِير أَحْمد بك فِي آخر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة ٩٧٩ تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَت الْأَوَامِر الشَّرِيفَة وَردت أَن يكون النَّاظر على هَذِه الْعِمَارَة والمتكلم عَلَيْهَا عَن جَانب السلطنة سيدنَا ومولانا القَاضِي الْحُسَيْن الْمَالِكِي ففرح بِهَذِهِ الْخدمَة الْفَرح التَّام وَشد نطاق حزمه على نَاطِق عزمه وَقَامَ وَحصل بَين مَوْلَانَا القَاضِي وَبَين أَحْمد بك الملاءمة والاتفاق وَبِذَلِك يحصل تَمام النجح والارتفاق فاتفق رَأْي النَّاظر والأمين والمعمار على الشُّرُوع فِي الْهدم فشرع فِيهِ رَابِع عشر ربيع الأول من سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَمَا تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ بتاريخ الْجد جمال الدّين العصامي وَكَانَ ابْتِدَاء الْهدم مَكَانا من بَاب السَّلَام من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute