الْكَعْبَة الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا من قبل الْمَأْمُون ثمَّ كساها كسوتين أنفذهما مَعَه أَبُو السَّرَايَا من قَز إِحْدَاهمَا صفراء وَالْأُخْرَى بَيْضَاء ثمَّ عمد الْأَفْطَس إِلَى خزانَة الْكَعْبَة فَأخذ جَمِيع مَا فِيهَا من الْأَمْوَال فَقَسمهَا مَعَ كسْوَة الْكَعْبَة على أَصْحَابه وهرب النَّاس من مَكَّة لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذ أَمْوَالهم يزْعم أَنَّهَا ودائع لبني الْعَبَّاس عِنْدهم وَلما هرب النَّاس هدم دُورهمْ فكرهه النَّاس لظلمه وطغى أَصْحَابه وبغوا وقلعوا شبابيك الْبيُوت الْحَدِيد الَّتِي على الْمَسْجِد وباعوها حَتَّى قلعوا شبابيك زَمْزَم وَلم يزل كَذَلِك على ظلمه إِلَى أَن بلغه قتل مرسله أبي السَّرَايَا سنة مِائَتَيْنِ فَلَمَّا علم بذلك وَرَأى النَّاس قد تغيرُوا عَلَيْهِ لما فعله مَعَهم من الْقَبِيح واستباحة الْأَمْوَال جَاءَ هُوَ وَأَصْحَابه إِلَى مُحَمَّد بن جَعْفَر الصَّادِق الملقب بالديباجة لجمال وَجهه وسألوه الْمُبَايعَة لَهُ بالخلافة فكره ذَلِك فاستعان الْأَفْطَس عَلَيْهِ بولده عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الصَّادِق وَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى بَايعُوهُ بالخلافة وَذَلِكَ فِي ربيع الأول سنة مِائَتَيْنِ وجمعوا النَّاس على بيعَة مُحَمَّد طَوْعًا وَكرها وَبَقِي أشهر وَلَيْسَ لَهُ من من الْأَمر شَيْء وَإِنَّمَا ذَلِك للأفطس ولابنه عَليّ بن مُحَمَّد وهما على أقبح سيرة مَعَ النَّاس ووثب الْأَفْطَس على امْرَأَة جميلَة فانتزعها قهرا من زَوجهَا وَعلي بن مُحَمَّد أَخذ ابْن قَاضِي مَكَّة وحجزه عِنْده فَلَمَّا رأى النَّاس ذَلِك اجْتَمعُوا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَقَالُوا لمُحَمد بن جَعْفَر إِن لم تحضر الْمَرْأَة وَالصَّبِيّ خلعناك فأغلق بَابه خوفًا من الْعَامَّة وكلمهم من الشباك ثمَّ طلب الْأمان ليخرج يخلصهما فَأعْطى فَخرج وخلص الصَّبِي من ابْنه عَليّ وَالْمَرْأَة من الْأَفْطَس كَذَا ذكره الْأَزْرَقِيّ قلت عِنْدِي فِي صِحَة هذَيْن الأخذين نظر خُصُوصا أَخذ ابْن الديباجة ابْن قَاضِي مَكَّة فَالنَّفْس أبته كل الإباء وَالله أعلم فَلم تكن إِلَّا مُدَّة يسرة حَتَّى قدم إِسْحَاق بن مُوسَى العباسي من الْيمن فَارًّا من إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق فَنزل بالمشاش وَاجْتمعَ إِلَيْهِ جمَاعَة من أهل مَكَّة هربوا من العلويين وَاجْتمعَ الطالبيون إِلَى مُحَمَّد بن جَعْفَر الْمَذْكُور وَجمع النَّاس من الْأَعْرَاب وَغَيرهم وحفروا خَنْدَقًا وقابلهم إِسْحَاق ثمَّ كره الْقِتَال فَسَار إِلَى نَحْو الْعرَاق فَلَقِيَهُ جند أنفذهم هرثمة بن أعين قَائِد الْمَأْمُون وَكَانَ فيهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute