وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة الْمَذْكُورَة وتسلمت مَكَّة إِلَى الْأَمِير قَاسم بن مهنا الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة وَكَانَ وصل صُحْبَة الْحَاج الْعِرَاقِيّ كَمَا سبق خَبره إِلَى مكثر لِأَنَّهُ سَافر إِلَى الْعرَاق فوليها الْأَمِير قَاسم بن مهنا الْمَذْكُور بعد انهزام مكثر فَأَقَامَ مُتَوَلِّيًا ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ رأى من نَفسه الْعَجز عَن الْقيام بإمرة مَكَّة فاستعفى فَأَعَادَ الْأَمِير طاشتكين أَمِير الْحَاج الْمَذْكُور دَاوُد بن عِيسَى إِلَى إِمَارَة مَكَّة وَشرط عَلَيْهِ شُرُوطًا فِي ترك المكوس وَالْعدْل بَين الرعايا وَلم تعلم ولَايَة دَاوُد هَذِه إِلَى مَتى استمرت غير أَنه يتداول هُوَ وَأَخُوهُ مكثر إمرة مَكَّة ثمَّ انْفَرد بهَا مكثر عشر سنوات مُتَوَالِيَات آخرهَا سنة ٥٩٧ سبع بِتَقْدِيم السِّين وَتِسْعين بِتَقْدِيم التَّاء وَخَمْسمِائة غير أَن فِي ولَايَته أَو فِي ولَايَة أَخِيه دَاوُد على الشَّك كَانَ مِمَّن ولي مَكَّة سيف الْإِسْلَام طغتكين بن أَيُّوب أَخُو السُّلْطَان صَلَاح الدّين بن يُوسُف بن أَيُّوب وَذَلِكَ سنة ٥٨١ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة لِأَنَّهُ قدم مَكَّة فِي هَذِه السّنة وَمنع الْأَذَان بحي على خير الْعَمَل وَقتل جمَاعَة من العبيديين المفسدين وَضرب السِّكَّة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير باسم أَخِيه السُّلْطَان صَلَاح الدّين بن يُوسُف بن أَيُّوب وفر مِنْهُ أَمِير مَكَّة مكثر أَو أَخُوهُ دَاوُد على الشَّك قلت ذكر الْعَلامَة ابْن جُبَير فِي رحلته أَنه رأى سيف الْإِسْلَام طغتكين الْمَذْكُور دَاخِلا إِلَى الْحرم الشريف قَالَ وشاهدته وَعَن يَمِينه مكثر وَعَن يسَاره قَاضِي الشَّرْع الشريف وَرَأَيْت مكثراً لابساً ثوبا أَبيض وعمامة من صوف أَبيض فَطَافَ بِالْبَيْتِ والريس يَدْعُو لَهُ إِذا أقبل من الرُّكْن الْيَمَانِيّ حَتَّى يُجَاوز مصلى جِبْرِيل موليا ثمَّ يسكت ثمَّ يَدْعُو إِذا أقبل من الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَهَكَذَا فِي كل شوط فَلَمَّا فرغ من صلَاته فرش لَهُ خلف مقَام الْخَلِيل شقة من كتَّان فصلى عَلَيْهَا سنة الطّواف فاتضح بِمَا ذكره ابْن جُبَير أَن الفار هُوَ دَاوُد لَا مكثر فَانْتفى الشَّك الَّذِي ذكره ابْن جَار فِي تَارِيخه وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة أسقط السُّلْطَان صَلَاح الدّين المكس عَن الْحجَّاج إِلَى مَكَّة فِي الْبَحْر على طَرِيق عيذاب لِأَنَّهُ كَانَ الرَّسْم بِمَكَّة أَن يُؤْخَذ من حجاج الْمغرب على عدد الرُّءُوس مَا ينْسب إِلَى الضرائب والمكوس وَمن دخل مِنْهُم وَلم يفعل بِهِ ذَلِك حبس حَتَّى يفوتهُ الْوُقُوف بِعَرَفَة وَلَو كَانَ فَقِيرا لَا يملك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute