ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة حج النَّاصِر ففرا مِنْهُ ثمَّ فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة وصل عَسْكَر من صَاحب مصر الْمَذْكُور نَحْو ثَلَاثمِائَة فَارس وأمدهم صَاحب الْمَدِينَة بِخَمْسِمِائَة فَارس وَوصل مَعَهم أَبُو الْغَيْث فَلَمَّا سمع بهم رميثة وحميضة خرجا إِلَى حلى بن يَعْقُوب ثمَّ وَليهَا أَبُو الْغَيْث بمفرده فعزلهما بأخيهما أبي الْغَيْث مُنْفَردا وجهز مَعَه عسكراً قَوِيا فاستولى على مَكَّة أَيَّام الْمَوْسِم من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ أَقَامَ الْعَسْكَر عِنْد أبي الْغَيْث شَهْرَيْن وَكَانَت مَكَّة مقحطة جدا فتعب الْجند من الغلاء وضجر أَبُو الْغَيْث من النَّفَقَة عَلَيْهِم فَكتب لَهُم خطة بالاستغناء عَنْهُم ففارقوه فَلم يلبث بعدهمْ سوى جُمُعَة حَتَّى قَصده أَخُوهُ حميضة فقاتله فَانْهَزَمَ أَبُو الْغَيْث وَقتل من أَصْحَابه جمَاعَة وفر هُوَ إِلَى أَخْوَاله هُذَيْل بوادي نَخْلَة وَأرْسل حميضة إِلَى الْملك النَّاصِر يستعطفه فَلم يرض عَنهُ وَأرْسل أَبُو الْغَيْث يستنصره فوعده بالنصر ثمَّ التقى الأخوان فِي رَابِع ذِي الْحجَّة عَام أَربع عشرَة وَسَبْعمائة فغلب حميضة أَخَاهُ أَبَا الْغَيْث فَأسرهُ ثمَّ أَمر بعد ذَلِك بعض عبيده بقتْله فَقتله بخيف بني شَدِيد ذبحا بِحَضْرَة النَّاس فهالهم ذَلِك قَالَ فِي عُمْدَة الطَّالِب إِن حميضة قتل أَخَاهُ أَبَا الْغَيْث على فرَاشه وَحمله إِلَى دَاره ثمَّ استدعى إخواته للضيافة فَاجْتمعُوا فَمَا راعهم أَلا أَبُو الْغَيْث مقتولاً فِي جَفْنَة مسلوقاً كَمَا هُوَ وَقد وضع بَين أَيْديهم وعَلى رَأس كل وَاحِد مِنْهُم غلامان أسودان من غلْمَان حميضة مَعَهم السِّلَاح فأذعنوا لَهُ بِالْملكِ قهرا ودامت لَهُ الْولَايَة على مَكَّة حَتَّى فَارقهَا فِي رَمَضَان سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة لما سمع بوصول أَخِيه رميثة ثمَّ وَليهَا رميثة مُنْفَردا مُتَوَلِّيًا إمرة مَكَّة المشرفة فِي عَسْكَر مَعَه من مصر وَذَلِكَ فِي سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة فَلَمَّا سمع حميضة فزع لذَلِك وَقبل وصولهم إِلَى مَكَّة بِسِتَّة أَيَّام أَخذ المَال من النَّقْد والبز وَهُوَ مائَة حمل وأحرق الْبَاقِي فِي الْحصن الَّذِي فِي الجديدة من وَادي مر وَقطع ألفي نَخْلَة وَكَانَ وُصُول الْعَسْكَر صُحْبَة الشريف رميثة إِلَى مَكَّة يَوْم السبت منتصف رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة فأقاموا بهَا ثَلَاثَة عشر يَوْمًا ثمَّ توجهوا جَمِيعًا إِلَى الحليف وَهُوَ حصن بَينه وَبَين مَكَّة سِتَّة أَيَّام كَانَ حميضة بعد فعل مَا فعله التجأ إِلَى صَاحبه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute