(وكُنْتَ كالبدرِ وارَى ضوءَ غُرَّته ... حينا وآبَ مآبَ الشمسِ فِي الحملِ)
(مَا زلْتَ تملي لَهُم والمَوْتُ ينظرهم ... شَزْرًا بطرفٍ خفيِّ غير منتقلِ)
(ورُعْبُ ذكرك يجْرِي فِي خَوَاطِرِهِمْ ... جَرْىَ السقامِ بجسْم الواهنِ الوَجِل)
(ينامُ طرفُكَ والأوهامُ تُسْهرهم ... خوفًا وتهدأَ والأفكارُ فِي جَدَلِ)
(حَتَّى إِذا أينَعَتْ للقطفِ أرؤسهُمْ ... وحانَ بالسيفِ مِنْهَا مُنْتَهى الأجلِ)
(صَدَمْتهم بخميسٍ لَو صَدَمْتَ بِهِ ... هضابَ رضوَى لعادَتْ مِنْهُ فِي خَلَلِ)
(يكادُ يسمع وَقْعَ المرهفاتِ بِهِ ... مَنْ بالخريبة ممتدُّاً إِلَى ثُؤَلِ)
(ويستنيرُ بروقاً مِنْ أسنته ... بَنو حرامَ الغواةُ النازلون حلِى)
(كم فِي جوانبِهِ للوحشِ معتركٌ ... وفوقَ حافاتِهِ للطيرِ من زجلِ)
(دَبَّتْ إِلَيْهِم مناياهم بصدمته ... دبيبَ كاسِ الطلا فِي الشارِبِ الثملِ)
(نَامُوا وَمَا نمْتَ عَن وتْرٍ تحاوله ... والقومُ فِي غفلةٍ يرعَوْنَ كالحملِ)
(مَا زلْتَ تركُضُ فِي مضمارِ غايتهم ... دليلك النصْرُ فِي حِلِّ ومرتحلِ)
(فِي مقنبٍ من عتاق الخيلِ ذِي رهَجٍ ... مدرَّعٍ برداءِ الروعِ مشتملِ)
(وفتيةٍ ألفوا حر المصاعِ بِهِ ... كَأَنَّهُمْ تحْتَ ظلِّ السمرِ فِي ظللِ)
(مالوا عَلَيْهِم بأطرافِ القنا فكَأَنْ ... وَقت الضحَى من مثار النقعِ كالطَّفَلِ)
(حَتَّى بَلَغْتَ الَّذِي حاولْتَ بُغْيَتَهُ ... فيهِمْ وجاوَزْتَ حَدَّ القولِ فِي العملِ)
(شفيْتَ نفسا رعاها اللهُ مَا بَرِحَتْ ... عزيزةَ الذاتِ مذ كانَتْ وَلم تَزَلِ)
(للهِ دَرُّكَ من طَلَاّبِ واترةٍ ... غَادَرْتَ رَبْعَ العدَى رسماً على طَلَلِ)
(تَركتهم جزراً فِي كل موحشةٍ ... للوحشِ وَالطير كالأنعامِ والثللِ)
(أذقْتَ آبَاءَهُم ثكْلَ الْبَنِينَ كَمَا ... أَيَّمْتَ منهنَّ ذَات الدلِّ والكحلِ)
(ومُذْ سفكْتَ دِمَاء من نجومهمُ ... كففْت بادا الحجا عَن بَيْضَة الكللِ)
(لما رأوك على آثَار جرَّتهم ... طاروا مطار القطا الكدري والحَجَلِ)
(وَإِنَّمَا ينزعون الْكل من خَوَرٍ ... قَوَائِم الخيلِ والأقدام من وحلِ)
(وصارَ كُلُّ زعيمٍ فِي عشيرتِهِ ... يقولُ لَا نَاقَتي فِيهَا وَلَا جَمَلِي)
(أَيْن المفرُّ وخيلُ اللهِ طالبةٌ ... والسعْدُ يغتالهم فِي السهْلِ والجبلِ)
(كفَى بسيفكَ وعظاً فِي مصارِعِهم ... لكلِّ منهزمٍ مِنْهُم ومنخَزلِ)