للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغبراء وسوداء من حزن الأَرْض وسهلها ثمَّ أَتَاهُ بِأَرْبَع مياه عذب ومالح وَمر ونتن وَأمره بِأَن يفرغ المَاء فِي الطين فَلم يفضل من الطين شَيْء يحْتَاج إِلَى المَاء وَلَا من المَاء شَيْء يحْتَاج إِلَى الطين وَجعل المَاء العذب فِي حلقه ليجد لَذَّة الْمطعم وَالْمشْرَب والمالح فِي عَيْنَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِك لذابتا والمر فِي أُذُنَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِك لدخلها الْهَوَام والمنتن فِي أَنفه ليجد بِهِ الْإِنْسَان الروائح الطّيبَة وروى فِي القبضة الَّتِي من الطين الَّذِي خلق مِنْهُ آدم أَن الله أَمر جِبْرِيل أَن ينزل إِلَى الأَرْض يبشرها أَن الله يخلق مِنْهَا خلقا يكون صفوة لَهُ يسبحونه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَيجْعَل مستقره ومستقر وَلَده بَين أطباقها يخلقهم مِنْهَا ويعيدهم إِلَيْهَا فَفعل ذَلِك جِبْرِيل فاهتزت وابتهجت وَقَامَت تنْتَظر أَمر الله فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يتم وعده أرسل جِبْرِيل ليقْبض مِنْهَا كَمَا أمره فَلَمَّا مد يَده إِلَيْهَا ارتعدت واستعاذت مِنْهُ وَقَالَت أَسأَلك بعزة الله إِلَّا مَا أَمْسَكت عني فتوقف إجلالاً للقسم وَرجع وَقَالَ يَا رب تعوذت بك فَأرْسل الله إسْرَافيل فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك فَرجع فَأرْسل الله مِيكَائِيل فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك فَرجع فَأرْسل إِلَيْهَا عزرائيل فهبط وَمَعَهُ حَرْبَة فركزها فِي وسط الأَرْض ركزة ارتجت واهتزت لَهَا الأرضون وَمَاجَتْ وارتعدت فَمد يَده فَقَالَت لَهُ كَمَا قَالَت لمن قبله فَقَالَ لَهَا اسكتي فإكراهك أحب إِلَيّ من مَعْصِيّة رَبِّي وَأَعُوذ بِاللَّه أَن أرجع إِلَيْهِ حَتَّى آخذ مِنْك قَبْضَة ثمَّ قبض قَبْضَة من كل لون مِنْهَا فَعَن وهب أَنه نُودي بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَا ملك الْمَوْت مَا الَّذِي صنعت فَأخْبرهُ بِمَا قَالَت الأَرْض فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأسلطنك على قبض أَرْوَاحهم فأعلمها أَنَّك راد عَلَيْهَا جَمِيع مَا أَخَذته مِنْهَا ومعيده إِلَيْهَا فَنزل عزرائيل إِلَى الأَرْض فَقَالَ أيتها الأَرْض لَا تحزني فَإِنِّي راد عَلَيْك الَّذِي أَخَذته مِنْك بِإِذن الله تَعَالَى وجاعله فِي طباقك كَمَا أَمرنِي رَبِّي وسماني ملك الْمَوْت فَلَمَّا جَاءَ ملك الْمَوْت بالقبضة أمره الله أَن يَضَعهَا على بَاب الْجنَّة فوضعها على بَاب جنَّة الفردوس وَأمر الله خَازِن الْجنَّة أَن يعجنها من مَاء التسنيم فعجنها وَقد مضى من يَوْم الْجُمُعَة سبع سَاعَات لِأَن قَبضته أخذت فِي آخر السَّاعَة السَّادِسَة وَأول السَّابِعَة ثمَّ صَارَت طيناً على بَاب الْجنَّة حَتَّى صَارَت لازباً ثمَّ حمأ مسنوناً فِي السَّاعَة الثَّامِنَة فَلَمَّا صوره الله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>