الْبَوَادِي قَالَ الله تَعَالَى {إِذَا جَاءَ نصرُ الله وَالفَتحُ وَرَأيت الناسَ يَدخلوُنَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجًا} فَالله وَرَسُوله أعلم انْتهى قَالَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فبينماهم كَذَلِك إِذْ دخل أَبُو جندل بن سُهَيْل بن عَمْرو يُوسُف فِي قيوده قد خرج من أَسْفَل مَكَّة حَتَّى رمى بِنَفسِهِ بَين أظهر الْمُسلمين فَقَالَ سُهَيْل هَذَا يَا مُحَمَّد أول مَا أقاضيك عَلَيْهِ أَن ترده إِلَيّ فَقَالَ
إِنَّا لم نمض الْكتاب بعد قَالَ فوَاللَّه إِذن لَا أصالحك على شَيْء أبدا قَالَ النَّبِي
فأجزه إِلي قَالَ مَا أَنا بمجيزه لَك قَالَ بلَى فافعل قَالَ مَا أَنا بفاعلِ قَالَ مكرز بلَى قد أجزنا ذَلِك قَالَ أَبُو جندل أَي معشر الْمُسلمين أُرَدُ إِلى الْمُشْركين وَقد جِئْت مُسلما إِلَّا ترَوْنَ مَا قد لقِيت وَكَانَ عُذبَ فِي الله عذَابا شَدِيدا زَاد ابْن إِسْحَاق فَقَالَ النَّبِي
يَا أَبَا جندل اصبر واحتسب فإِنا لَا نغدر وَإِن الله جَاعل لَك فرجا ومخرجاً ووثب عمر يمشي إل جنبه وَيقرب مِنْهُ قَائِم السَّيْف وَيَقُول اصبر فإِنما هم الْمُشْركُونَ وَإِن دم أحدهم كَدم الْكَلْب يعرض لَهُ بقتل أَبِيه فَلَمَّا لم يفعل قَالَ عمر ضنَّ الرجل بِأَبِيهِ قَالَ الخطَابي تأوَّل العلماءُ مَا وَقع فِي قصَّة أبي جندل على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن الله قد أَبَاحَ التقية للْمُسلمِ إِذا خَافَ الْهَلَاك وَرخّص لَهُ أَن يتَكَلَّم بالْكفْر مَعَ إِضْمَار الإِيمان إِن لم يُمكنهُ التورية فَلم يكن رده إِليهم إسلاماً لأبي جندل إِلى الْهَلَاك مَعَ وجود السَّبِيل إِلى الْخَلَاص من الْمَوْت بالتقية وَالْوَجْه الثَّانِي أَنه إِنَّمَا رده إِلى أَبِيه وَالْغَالِب أَن أَبَاهُ لم يبلغ بِهِ إِلى الْهَلَاك وَإِن عذبه أَو سجنه فَلهُ مندوحة بالتقية أَيْضا وَأما مَا يخَاف عَلَيْهِ من الْفِتْنَة فإِن ذَلِك امتحان من الله يَبْتَلِي بِهِ صَبر عباده الْمُؤمنِينَ وَاخْتلف الْعلمَاء هَل يجوز الصُّلْح مَعَ الْمُشْركين على أَن يرد إِلَيْهِم من جَاءَ مُسلما من عِنْدهم أم لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute