فَهُوَ آمن قَالَ فِي فتح الْبَارِي وَقد تمسك بِهِ من قَالَ إِن مَكَّة فتحت عنْوَة وَهُوَ قَول الْأَكْثَر وَعَن الشَّافِعِي وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد إِنَّهَا فتحت صلحا لما وَقع من هَذَا التَّأْمِين ولإضافة الدّور إِلَى أَهلهَا لِأَنَّهَا لم تقسم وَلِأَن الْغَانِمين لم يملكُوا دورها وَإِلَّا لجَاز إِخْرَاج أهل الدّور مِنْهَا وَحجَّة الْأَوَّلين مَا وَقع التَّصْرِيح بِهِ من الْأَمر بِالْقِتَالِ ووقوعه بِخَالِد بن الْوَلِيد وبتصريحه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِأَنَّهَا أحلتْ لَهُ سَاعَة من نَهَار وَنَهْيه عَن التأسي بِهِ فِي ذَلِك وَأَجَابُوا عَن ترك الْقِسْمَة بِأَنَّهَا لَا تَسْتَلْزِم عدم الْقِسْمَة وَقد تفتح الْبَلَد عنْوَة ويمن على أَهلهَا وتترك لَهُم دُورهمْ قَالَ وَأما قَول النَّوَوِيّ وَاحْتج الشَّافِعِي بالأحاديث الْمَشْهُورَة أَن النَّبِي
صَالحهمْ على مر الظهْرَان قبل دُخُول مَكَّة فَفِيهِ نظر لِأَن الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ إِن كَانَ مُرَاده مَا وَقع من قَوْله
من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن كَمَا تقدم وَكَذَا من دخل الْمَسْجِد كَمَا عِنْد ابْن إِسْحَاق فَإِن ذَلِك لَا يُسمى صلحا إِلَّا إِذا الْتزم من أَشَارَ إِلَيْهِ بذلك الْكَفّ عَن الْقِتَال وَالَّذِي ورد فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ظَاهر فِي أَن قُريْشًا لم يلتزموا ذَلِك لأَنهم اسْتَعدوا للحرب وَإِن كَانَ مُرَاده بِالصُّلْحِ وقوعَ عقده فَهَذَا لم ينْقل وَمَا أَظُنهُ عَنى إِلَّا الِاحْتِمَال الأول وَفِيه مَا ذكرته انْتهى ثمَّ دخل
فِي كتيبته الخضراء وَهُوَ على نَاقَته الْقَصْوَاء بَين أبي بكر وَأسيد بن حضير فَرَأى أَبُو سُفْيَان مَا لَا قبل لَهُ بُد فَقَالَ للْعَبَّاس يَا أَبَا الْفضل لقد أصبح مَالك ابْن أَخِيك عَظِيما فَقَالَ الْعَبَّاس وَيحك إِنَّه لَيْسَ بملكٍ وَلكنهَا النُّبُوَّة قَالَ نعم روى أَنه
وضع رَأسه تواضعاً لله لما رأى مَا أكْرمه الله بِهِ من الْفَتْح حَتَّى إِن رَأسه ليكاد يُمْسِي مقدم رَحْله شكرا وخضوعاً لعظمته إِذْ أحل لَهُ بَلَده وَلم يحله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute