للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وضعت غُلَاما والنور فِي جَبهته فَسَماهُ نوحًا وَفَرح بِهِ فَرحا شَدِيدا وَكَانَ لمك يضْرب بِيَدِهِ إِلَى أعظم شَجَرَة فيقلعها من أَصْلهَا وَأَقْبل بعد دفن أَبِيه متوشلخ على درس الصُّحُف وَالْعَمَل بِمَا فِيهَا وَوعظ قومه وهم أقل من مائَة واحتاجوا إِلَى أَوْلَاد قابيل وَكَانَ الرجل مِنْهُم ينزل إِلَى أَوْلَاد أَبِيه فيعطفون عَلَيْهِ ويأمرونه بِالدُّخُولِ فِي دينهم وَالنُّزُول من الْجَبَل فيأبى الْمُؤْمِنُونَ وَيَقُولُونَ إِن كُنْتُم ترعون الرَّحِم بَيْننَا فافعلوا وَلَا تردونا عَن دين آبَائِنَا ولمك ينهاهم عَن ذَلِك فَيَقُولُونَ إِنَّا جِيَاع فَيَقُول لَو لم تخضعوا لهَؤُلَاء الْمُرْتَدين مِنْكُم لرزقكم الله كم يرْزق الطير فَاصْبِرُوا تؤجروا وَلما ولد نوح عَلَيْهِ السَّلَام رأى إِبْلِيس لَيْلَة وِلَادَته الْمَلَائِكَة نزلت من السَّمَاء ودارت بِالْجَبَلِ فَعلم أَن نور رَسُول الله

انْتقل فَسَأَلَ فَقيل إِن لمك رزق ولدا والنور انْتقل إِلَيْهِ فطمع أَن يصل إِلَيْهِ فَلم يقدر فَجعل يعْطف على كل من ارْتَدَّ من ولد أَبِيه وَبني قابيل كيداً مِنْهُ وَكَانَ بَنو قابيل قد أنسوا من الْجَبَل حَتَّى لم يبْق بَيت من الْمُؤمنِينَ بِهِ إِلَّا دخله بَنو قابيل وَكلما عرضوا على لمك النُّزُول إِلَى مَنَازِلهمْ أبي وَنَفر خوفًا على ابْنه نوح وَكَانَ يخفيه عَنْهُم وَلَا يظهره وَأدْخلهُ إِلَى مغارة فِي الْجَبَل وَأمه مَعَه والصحف الَّتِي لِآبَائِهِ عِنْدهَا احتفاظاً بهَا واحترازاً على مَا فِيهَا من إِبْلِيس وَبني قابيل وَعلمه أَبوهُ لمك جَمِيع مَا علمه أَبوهُ متوشلخ وأوصاه بِوَصِيَّة آبَائِهِ وَأخذ عَلَيْهِ الْعهْدَة والميثاق كَمَا أَخذه عَلَيْهِ أَبوهُ واجتهد نوح فِي الْعِبَادَة فِي تِلْكَ المغارة وَلَا يتْركهُ أَبوهُ يخرج مِنْهَا وَلَا أحدا يدْخل عَلَيْهِ فَلَمَّا بلغ من الْعُمر خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة مرض أَبوهُ لمك فَلَمَّا أحس بِالْمَوْتِ جدد الْوَصِيَّة وحذره إِبْلِيس وَبني قابيل وَسلمهُ الِاسْم الْأَعْظَم والتابوت ومواريث الْأَنْبِيَاء وَمَات وعمره تِسْعمائَة وتسع وَسَبْعُونَ سنة وَفِي مروج الذَّهَب تِسْعمائَة وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سنة فَقَامَ بِالْأَمر بعده نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ أول أولي الْعَزْم وَشَيخ الْمُرْسلين وَالْأَب الثَّانِي وَصَاحب الْفلك وآدَم الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا عقب إِلَّا مِنْهُ وَله إخْوَة درجوا جَمِيعًا والعقب من نوح وَحده

<<  <  ج: ص:  >  >>