قال المصنف رحمه الله:[ويقولون: لا سبيل لأحد أن يخرج عن علم الله، ولا أن يغلب فعله وإرادته مشيئة الله، ولا أن يبدل علم الله، فإنه العالم لا يجهل ولا يسهو، والقادر لا يغلب] .
لا سبيل لأحد أن يخرج عن الملة، فالله تعالى عالم بنا وبأحوالنا، قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:١٦] ، فإذا كان يعلم وساوس النفس وخطرات القلب فإنه لا تخفى عليه أعمال العباد كلهم، يعلم السر وأخفى، ويعلم الجهر وما يخفى، ويعلم ما كان وما لم يكن وما سوف يكون، فلا يخرج عن علم الله تعالى شيء.
وكذلك أيضاً أفعال العباد وقدرتهم لا تخرج عن مشيئة الله، ولا قدرة لهم على أن يخالفوا مشيئة الله تعالى، فمشيئة الله غالبة، ولهذا قال:{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[المدثر:٥٦]{وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان:٣٠] في موضعين، وكثيراً ما يذكر أن مشيئة الله تعالى غالبة على كل شيء، ولكن المشيئة والقدرة التي منحها العباد تناسبهم، إذا ليس لأحد أن يبدل علم الله تعالى.
فالله تعالى هو العالم، فمتى علم في هذا الإنسان شيئاً فلابد أن يحصل ما علمه الله فيه، سواءٌ أكان قريباً أم بعيداً، فإذا علم الله تعالى في هذا الإنسان أنه يموت سعيداً فلو حاول الناس كلهم أن يردوه عن السعاة لم يستطيعوا، ولو شقي وعصى في وقت من الأوقات لرد الله له رشده إلى أن يموت وهو على السعادة، وكذلك العكس، فإذا علم الله شقاوة عبد وحاول الناس كلهم أن يهدوه لم يستطيعوا، ولو اهتدى في زمان من الأزمنة فإن الله تعالى إذا قدر أنه يموت على الشقاوة لابد وأن يموت عليها مهما كانت الحال.