للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إعادة الجماعة لاختلاف المذاهب]

السؤال

ما قول السادة العلماء في حكم إعادة الجماعة في المسجد الواحد عدة مرات، وهل يوجد فرق في إعادة الجماعة في المسجد كأن يكون مفترض؟

الجواب

قد يكون قصده إعادة الجماعة لاختلاف المذاهب كما كان ذلك في الحرم المكي قبل ستين أو سبعين سنة، أي: قبل أن تستولي عليه المملكة، فقد كان الحرم يصلي فيه أربع جماعات، جماعة الحنابلة ومحرابهم في شرق الكعبة، وجماعة الحنفية ومحرابهم في شمال الكعبة، وجماعة المالكية ومحرابهم في غرب الكعبة، وجماعة الشافعية ومحرابهم في جنوب الكعبة بين الركنين، أربع جماعات كل منهم يعتقد أن صلاته لا تصح مع صلاة الآخر، فلما فتحت مكة ودخلت تحت هذه الدولة أقيمت عليهم الحجة وقيل لهم: هل الأئمة أنفسهم يكفر بعضهم بعضاً؟ أليس الشافعي كان يصلي خلف مالك ومالك يصلي خلف أبي حنيفة؟ وكذلك أيضاً الإمام أحمد كان يصلي خلف الشافعي، وكلهم يأخذ بعضهم عن بعض، فما هذا الاختلاف؟ فهداهم الله وصاروا جماعة واحدة.

نقول: لا يجوز تعدد الجماعات لاختلاف المذاهب إذا كان هذا قصد السائل.

وأما إن كان قصده إقامة جماعة ثانية بعد الجماعة الأولى فهذا جائز بل ومسنون، فإذا صلى أصحاب الجماعة الذين أذن في المسجد لهم ثم جاء المتخلفون من هنا ومن هنا فلا يصلون فرادى، بل يصلون جماعة، يقدمون أحدهم يصلي بهم ويكون لهم فضل الجماعة، وإن لم يكن لهم فضل الذين في الجماعة الأولى، وهكذا لو قدر أنهم انتهوا من الصلاة وجاءت جماعة ثالثة فإنهم يصلون أيضاً جماعة ولا يصلون متفرقين، خلافاً لما اشتهر عن الشافعية والحنفية أنهم يصلون فرادى، وهذا قول مرضي عن الشافعي، ولكنه لم يكن معمولاً به في زمانه كالعمل به في هذا الزمان، والصحيح أنهم يصلون جماعة.

ولو قدر أنه دخل واحد وأنت قد صليت وأحببت أن تصلي معه حتى تحصل له فضيلة الجماعة فإن ذلك جائز، ودليله ما ثبت في الحديث أن رجلاً دخل بعدما صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من يتصدق على هذا -يعني يصلي معه-؟ فقام أبو بكر فصلى معه) ، فهذا دليل على جواز إعادة الجماعة وأنه يجوز أن يكون المتنفل أحد المعيدين، وسواءٌ أكان هو الإمام أم المأموم.

<<  <  ج: ص:  >  >>