معلوم أن البدع إما أن يبتدعها الإنسان وإما أن يتبع فيها غيره، فإذا ابتدعها قيل: هذا مبتدع.
أي أنه منتحل ببدعة لم يسبق إليها.
فيقال مثلاً: إن معبداً الجهني ابتدع هذه البدعة التي هي إنكار علم الله السابق.
ويقال: إن عمرو بن عبيد ابتدع بدعة كذا وكذا.
ويقال: إن واصل بن عطاء ابتدع بدعة كذا وكذا.
فمثل هذه البدع لا شك أنها بدع عميقة عريقة، وأن أصحابها يقال لهم: مبتدعون.
أما الأتباع فيحكم عليهم أنهم أتباع المبتدعة، ولا شك أن متبع المبتدع مبتدع؛ لأنه عرف بأنها بدعة فاتبعه عليها، فهو مبتدع حقاً، لكن البدع تختلف، فمنها بدع مكفرة ومنها بدع مفسقة، وهذا فيما يتعلق بالعقائد.
فالبدع المكفرة مثل بدعة غلاة الجهمية، يقول ابن القيم: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان يعني خمسمائة عالم.
هؤلاء كفروهم، وهناك كذلك بدعة غلاة الرافضة وهي مكفرة، وهم الذين يطعنون في القرآن ويردون أحاديث الصحيحين ويكفرون الصحابة الذين نقلوها، فهذه لا شك أنها بدعة مكفرة؛ لأنهم طعنوا في الأصلين: الكتاب والسنة، أما البدع الأخرى كبدعة المرجئة والجبرية والأشاعرة فإنها بدع مفسقة ولا تصل إلى حد الكفر.
وكذلك البدع في الفروع يقال لها: بدعة ولو لم تكن مكفرة ولا مفسقة، لكنها نقص في الدين تقدح في كمال التوحيد، مثل الذين يحتفلون بليلة الميلاد والمولد النبوي أو بليلة الإسراء، أو يحيون أول جمعة من رجب ويسمونها صلاة الرغائب أو ما أشبه ذلك، هذه البدع لا شك أنها بدع عملية وليست بدعاً اعتقادية، وإن كانوا يعتقدون أنها من السنة ولكنها ليست معتقداً.
والحاصل أن المبتدع الذي يتبع البدعة وهو يعرف أنها بدعة وتقوم عليه الحجة يسمى مبتدعاً شاء أم أبى.