[القائلون بكفر تارك الصلاة وأدلتهم]
قال المصنف رحمه الله: [واختلفوا في متعمد ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها من غير عذر فكفّره جماعة] .
منهم: عمر ومعاوية وابن مسعود وابن عباس وجابر وأبو الدرداء، ومن التابعيين: إبراهيم النخعي وابن المبارك والسختياني وابن راهويه وابن حنبل وابن أبي شيبة وغيرهم.
وكذلك أيضاً من مشايخنا الذين أدركناهم: محمد بن إبراهيم وعبد الله بن حميد رحمهما الله يريان أنه يكفر، وكذلك شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين يريان أنه يكفر، وتجد فتاويهما، ولا شك أن هذا القول هو الذي تؤيده الأدلة، والأدلة عليه كثيرة.
فمن القرآن قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:٥٩] قيل: إن (غيّا) ما ذكر من سيئاتهم أنهم اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلاة، وتوعدهم بغي، وكذلك قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون:٤-٧] ، فتوعدهم بويل، قيل: إنه شدة العذاب وذكر من أعمالهم أنهم يصلون ولكن يؤخرون الصلاة عن وقتها ويراؤون بها.
ومن الأدلة أيضاً أن الله حكى عن أهل النار حين قيل لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر:٤٢-٤٦] ، فبدأوا أعمالهم بترك الصلاة.
ومن الأدلة أيضاً قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:٤٣] يعني: في الدنيا.
فيمتنعون مع قدرتهم، فهذا دليل على أنهم توعدوا في الآخرة بالعذاب.
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المشهور: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) ، ولا شك أنه حديث صحيح مشهور، وكذلك أيضاً حديث بريدة في صحيح مسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) ، وحديث: (من ترك الصلاة فقد برئت منه ذمة الله) .
وفي صحيح البخاري: (من ترك العصر حتى يخرج وقتها فقد برئت منه الذمة) ، وفي رواية: (من ترك العصر حبط عمله) يعني: تركاً كلياً.
وفي حديث آخر: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله ماله) ، وثبت في الصحيح عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.
ولا شك أن هذه أدلة واضحة في أن من ترك الصلاة متعمداً وهو موقن بأنها فريضة الله ومعترف بذلك فإنه يعامل معاملة الكفر.