للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية قلب الساحر للحقائق]

إذا قلت: كيف يتمكن الساحر -وهو إنسان بشر مثلنا- من أن يقلب الإنسان إلى فرس -مثلاً- أو قط.

أو وعل؟! أو كيف يقلب قلبه من مستقيم إلى منحرف؟! أو كيف يؤلف بين الاثنين أو يفرق بينهما ويوقع بينهما هذه الوحشة مع كونهما متحابين أو نحو ذلك؟ فكيف يتمكن الإنسان من هذا العمل الذي فيه قلب للحقائق وتغيير لها؟! أجاب العلماء بأن الإنسان لا يفعل شيئاً، ولا يقدر على فعل شيء يخالف الطبائع الأصلية، وإنما تفعل ذلك الشياطين، ذلك لأن الشيطان له قدرة على ملابسة الإنسان ومماسته، وكذلك الساحر قد يكون عنده قدرة على تسخير قوم من الجن ثم تسليطهم على من يريد، فإذا سلط هذا الجني الذي هو من جنوده على فلان لابسه ذلك الجني أو ذلك الشيطان، فإذا لابسه فإنه قد يغير هيكله ويقلب صورته، وقد يحوله إلى حيوان بهيم كما يذكر ذلك في الحكايات ونحوها، يذكر أن ساحراً أو ساحرةً قلبت إنساناً إلى حصان أو فرس، وأن ساحراً قلب إنساناً إلى وعل له قرون، والحكايات في ذلك مشاهدة وكثيرة.

فالشيطان هو الذي يلابس ذلك الإنسان الذي عمل له، فيستطيع بإذن الله أن يغير هيكله، وأن يقلب صورته ومودته، ويغير محبته إلى بغض أو بغضه إلى محبة، أو ما أشبه ذلك، فهذا من الشيطان لا من ذلك الإنسان الذي هو الساحر؛ فإنه ليس عنده هذه القدرة ولا هذا التمكن، فهذا حقيقة السحر، أنه ليس بفعل الإنسان ولكن بفعل الشياطين الذين يسخرهم ذلك الساحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>