[ما يلزم منه إثبات أسماء الله]
أسماء الله تعالى دالة عليه، ولا نقول: إن أسماءَ الله غيرُ الله.
بل نقول: أسماءُ الله دالةٌ عليه، ثم أيضاً أسماؤه دالة على صفاته، فاسمه (الرحمن) دليل على الرحمة، واسمه (العزيز) دليل على العزة، وهكذا بقية الأسماء.
يقول العلماء: إن كل اسم من أسماء الله تعالى له ثلاث دلالات: دلالة على الذات، ودلالة على الصفة المشتقة من ذلك الاسم، ودلالة على بقية الصفات.
فدلالته على الذات تسمى دلالة المطابقة.
ودلالته على الصفة المشتقة منه تسمى دلالة تضمُّن.
ودلالته على بقية الأسماء تسمى دلالة التزام.
فإذا ذُكر اسم الرحمن قلنا: هذا الاسم (الرحمن) ينطبق على الله تعالى، ولا يسمى به إلا الله على الإطلاق، فهو يدل كلَّ مَن سمعه على ذات الله تعالى.
ثم نقول: هذا الاسم يدل على إثبات الرحمة، ويتضمن إثبات الرحمة لأنه مشتق منها، فهو دليل على إثبات الرحمة دلالة تضمُّن.
كذلك إذا أثبتنا الرحمن وأثبتنا الرحمة قلنا: إثبات الرحمة يستلزم بقية الصفات، فيستلزم إثبات المحبة، والغنى، والقوة والقدرة، والسمع، والبصر، والعلم، والإرادة، والغنى، وكمال التصرف، والقوة، والقدرة؛ لأن الرحمن واسع الرحمة، فلابد أن يكون غنياً سميعاً بصيراً مريداً ونحو ذلك، فنسمي دلالتَه على بقية الصفات دلالةَ استلزام أو التزام، أي: يلزم من إثبات هذه الصفة إثبات بقية صفات الكمال.
فالحاصل أن هناك من يقول: إن أسماء الله غير الله وهناك من يقول: إن أسماء الله مخلوقة.
ولعل هؤلاء ما حملهم على ذلك إلا اعتقاد أن الأسماء إذا تعددت تعددت الموجودات -كما يعبرون بذلك-، وهذا قول خاطئ، فلا يلزم إثبات تعدد القدماء كما يقولون، فالصفة الخاصة عند المعتزلة هي صفة القِدَم، أي أن الله قديم لم يُسبَق بعَدَم، فهم يقولون: إن أسماء الله حادثة، وإذا كانت حادثة فإنها ليست قديمة ويقولون: لو أثبتنا أنه موصوف بها أزلاً لأثبتنا تعدُّد القدماء، فيلزم بذلك إثبات التعدُّد.
هكذا عللوا، وهو تعليل ضعيف، فإنا إذا قلنا: إن الله تعالى قديم بصفاته لم يلزم تعدد، وذلك لأن الصفات تابعة للذات، ولا يلزم من إثبات الصفات للذات أن يكون هناك عدد، كما في المخلوق، فإذا قلت -مثلاً-: جاءنا زيدٌ فلا حاجة إلى أن تقول: جاءنا زيدٌ وسمعُه وبصره وأذناه ويداه ورجلاه وبطنه وظهره ورأسه ولسانه وشفتاه.
يكفي أن تقول: جاء زيد.
فهو واحد.
فإثبات المسمى يتبعه إثبات الصفات وإثبات الذات.
فإذا قلنا: إن الله تعالى قديم.
فلا حاجة إلى أن نقول: الله قديم وعلمُه وقدرته ويداه ووجهه وإرادته قديمة.
بل الله قديم بصفاته، فلا يحتاج إلى تعدد القدماء كما يقولون.