قال المصنف رحمه الله تعالى:[ويرون أن أحداً لا تخلص له الجنة وإن عمل أي عمل إلا بفضل الله ورحمته التي يختص بهما من يشاء] .
هذه مسألة جديدة، وهي اعتقادنا أن الإنسان لا يكون من أهل الجنة بمجرد عمله، بل بفضل الله تعالى وبرحمته، وإن كانت الأعمال من جملة الأسباب لدخول الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لن يدخل أحد منكم عمله الجنة.
قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل) .
فنعتقد أنه لا يخلص له الجنة وإن عمل عملاً كثيراً إلا بفضل الله وبرحمته التي يختص بهما من يشاء، وعمله للخير وتناوله الطاعات إنما كان عن فضل الله، ونقول: إن الله تعالى هو الذي مّنَّ عليك وهو الذي هداك، فله النعمة علينا، وله الفضل أن هدانا للإسلام وأقبل بقلوبنا على طاعته وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، فلو لم يتفضل علينا لم يكن لأحد منا حجة على الله تعالى، ولو خذل عباده فإنه لا عذر لهم ولا حجة.
والله تعالى يذكر عباده دائماً بفضله فيقول:{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا}[النور:٢١] أي: تذكروا أنكم تحت فضل الله تعالى ونعمته فهو المتفضل عليكم، وهو الذي وفقكم وهداكم للإسلام، ولو شاء لخذلكم ولسلط عليكم الأعداء، فاشكروه على فضله تعالى ونعمته {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}[النور:٢١] ، ويقول تعالى:{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ}[النساء:٨٣] فلولا أنه تفضل عليكم وهداكم وخصكم بواسع فضله -فهو يختص برحمته من يشاء- لولا ذلك لكنتم أشقياء، ولكنه يختص بفضله من يشاء، فاشكروه على ذلك.
فنحن نعترف بفضل الله تعالى علينا، ونحمده على أن هدانا للإسلام، ونسأله أن يَمُنَّ علينا بتكميل هذا الإسلام، ومع ذلك نرغب إليه أن يعمنا بواسع رحمته وبفضله، وأن يتجاوز عن أخطائنا ونقصنا وتقصيرنا، فنحن كلنا أخطاء إلا أن يتجاوز الله عنا، وأعمالنا قليلة ولو عملنا أي عمل.