ذكرت بعض الكتاب التي تتحدث عن الفرق أن عبد القادر الجيلاني الإمام السلفي هو أول من أنشأ طريقة صوفية، فهل هذا صحيح؟
الجواب
عبد القادر الجيلاني عالم من علماء الحنابلة، ويذكر في تراجم الحنابلة، ولكن انشغاله بالطرق حال بينه وبين انشغاله بالحديث، فهو من أهل الطرق وأهل العبادات القلبية، انشغل بالعبادات القلبية وبالزهد وبالتصوف، أي: عبادات الصوفية، لذلك لما اشتهر بأنه من الصوفية تعلق به المتصوفة، وصاروا يتوافدون إليه من أماكن بعيدة، ثم أعجبوا بعبادته وبزهده وبتقشفه مما كان سبباً في أن علقوا عليه تعليقات، وتلك التعليقات لا صحة لها، وحكوا عنه حكايات ليست واقعية بل هي مكذوبة، ولما اشتهرت تلك الحكايات وتلك الطرق وتلك القصص التي كتبت عنه وتناقلتها الصوفية كثر الذين يعتقدون فيه أنه ولي وأنه من سادات الأولياء، مما حمل كثيراً من الجهلة على أن عبدوه مع الله واعتقدوا فيه اعتقادات سيئة.
وأذكر أني كنت في يوم عرفة عند جبل الرحمة، وكان هناك واحد من السودان ويظهر أنه من علمائهم، وكان ديدنه أن يقول: يا عبد القادر! أنجنا.
يا عبد القادر! خذ بأيدينا.
يا عبد القادر! أنت ملاذنا.
فتكلمت معه فقابلني بقوله: أنا أقول: إنه لا تنزل قطرة من السماء إلا إذا أمر بها عبد القادر، ولا تنبت حبة في الأرض إلا بعدما يأذن فيها عبد القادر.
سبحان الله! هذا -بغير شك- من آثار تلك الحكايات التي نشرها هؤلاء الجهلة.
عبد القادر لا شك أنه دخل في الصوفية، وأنه وقع منه شيء من الحكايات، لكن لم يصل إلى تلك المرتبة، وعبد القادر عبد من العبيد ولد كما ولد غيره ومات كما مات غيره.