للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبي سُهيلٍ، لم يَقُولُوا ذلك فيه. وقد رُوِي عن إسماعيلَ بنِ جَعفرٍ هذا الحديثَ، وفيه: "أَفلَحَ والله! إِن صَدَقَ"، أو: "دَخَلَ الجَنَّة، والله! إن صَدَقَ"، وهذا أَولَى مِن رِوايةِ مَن رَوَى "وأبيه"؛ لأنَّهَا لفظةٌ مُنكَرَةٌ، تَرُدُّهَا الآثارُ الصِّحاحُ. وبالله التَّوفِيقُ" انتهَى.

وقال في موضعٍ آخرَ (٦/ ٢٤٤): "هذا حديثٌ صَحِيحٌ، لم يُختَلَف في إِسنادِهِ، ولا في مَتنِهِ. إلَّا أنَّ إسماعيلَ بنَ جَعفرٍ رواه عن أبي سُهيلٍ نافعِ بنِ مالكِ بنِ أبي عَامِرٍ، عن أبيه، عن طَلحَة بنِ عُبيد الله، أنَّ أعرابِيًّا جاء إلى رسُول الله -صلى الله عليه وسلم- فذَكَرَ معناه سَوَاءً، وقال في آخرِهِ: "أفلح وأبيه! إِن صَدَقَ"، أو: "دَخَلَ الجَنَّة، وأبيه! إن صَدَقَ"، وهذِهِ لَفظَةٌ، إن صَحَّت، فهي مَنسُوخَةٌ؛ لِنَهيِ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عن الحَلِفْ بالآباءِ، وبِغَيرِ الله" انتهَى.

• قلتُ: دَعوَى النَّسخ هذه ذَكَرَهَا بعضُ العُلماء، وذلك أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يُؤمَرُ بالشَّيءِ المأذُونِ فيه من قِبَلِ الله تعالى، ثُمَّ يُؤمَرُ بخلافِهِ. وقد يَكُونُ الحُكمُ مسكُوتًا عنه، ثُمَّ يَرِدُ تحرِيمٌ أو إباحَةٌ. فلَعَلَّ الحَلِفَ بالآباءِ -وكان مُنتَشِرًا في الجاهليَّةِ بحُكمِ نَعرَةِ العَصَبِيَّةِ-كان مسكُوتًا عنه، حتَّى صَارَت كَلِمَةً دارِجَةً على اللِّسانِ، ثُمَّ جاء التَّحرِيمُ بعدُ؛ لأنَّ الحَلِفَ معناه تَعظِيمُ المحلُوفِ بِهِ، وهذا لا يَكُونُ إلَّا لله تعالَى. وهذا مِثلُ تَحرِيمِ الخَمرِ، وأمرُهُ معرُوفٌ. وكان مِن شَأنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أن تَنزِلَ عليه الأحكامُ تِبَاعًا، كما في حديث عِياضِ بنِ حِمَارٍ المُجَاشِعِيِّ -رضي الله عنه-، والذي أخرجه مُسلِمٌ (٢٨٦٥/ ٦٣)، قال: إنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذاتَ يومٍ في خُطبَتِه: