للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فالباء في قوله "بأبي" هي باءُ القَسَم (١)، فهل كان أبُو بكرٍ -رضي الله عنه- يَحلِف بأبيه حين حَمَل الحسنَ؟

وأخرج أحمدُ (٦/ ٢٨٣)، وابنُ عساكرَ في "تاريخه" (٣٩ - ترجمة الحسن) عن ابن أبي مُلَيكة، قال: كانت فَاطِمة تُنَقِّزُ [أي: تُرَقِّص] الحَسنَ بنَ عليٍّ، وتقولُ: "بأبي! شبيهٌ بالنَّبيِّ، ليس شبيهًا بعليٍّ".

ولكن في سندِهِ زَمعةُ بنُ صالحٍ، وعندي أنَّه وَهِمَ في روايته هكذا، والصَّوابُ ما رَوَاه الثِّقاتُ عن ابنِ أبي مُلَيكة، عن عُقبَة بن الحارث، بالسَّندِ السَّابق، الذي أخرجه البُخاريُّ وغيره.

وخُلاصَةُ البحثِ ..

أنَّ الشُّذوذ مُنتَفٍ، ولا أعلَمُ أنَّ أحدًا من السَّالِفين ادَّعى هذه الدَّعوَى. واللهُ أعلَمُ.

• قلتُ: وبَعدَ كِتابةِ ما تَقَدَّم بسنَوَاتٍ طويلةٍ، تُقارِبُ سبعَ عَشرَةَ سنةً، وَقفتُ على كلامٍ لابنِ عبدِ البَرِّ، يُنكِرُ هذه اللَّفظَةَ، فقال في "التَّمهيد" (١٢/ ٦٥٣ - شُرُوح المُوطَّإِ): "والحَلِفُ بالمخلُوقاتِ كُلِّهَا في حُكمِ الحَلِف بالآباءِ، لا يَجُوزُ شيءٌ مِن ذلكَ. فإن احتَجَّ مُحتَجٌّ بحديثٍ يُروَى عن إسماعيلَ بنِ جَعفَرٍ، عن أبي سُهيلٍ نافعِ بنِ مالك بن أبي عامِرٍ، عن أبيه، عن طَلحَة بنِ عُبيد الله، في قِصَّة الأَعرَابِيِّ النَّجْدِيِّ، أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَفلَحَ وأبيه! إِن صَدَقَ". قيل له: هذه لفظةٌ غيرُ مَحفُوظَةٍ في هذا الحديثِ، مِن حديث من يُحتَجُّ به. وقد رَوَى هذا الحديثَ مالكٌ وغيرُهُ،


(١) ثمَّ وقع في نفسي أنَّها باء التَّفدِيَةِ، ومعناه: أفديه بأبي. والله أعلم.