وشُعبَةُ هو الذي كان يأتي جَرِيرَ بنَ حازمٍ ليسألَهُ عن حديث الأَعمَش، وهو الذي كان يدُلُّ بعضَ الرُّواة على جريرٍ نفسِهِ ليأخُذ عنه. فقولُهُ هنا:"هذا المجنون" إنَّما هو من بابَةِ ما كان يُسَمِّيه شيخُنا العلَّامة الأجَلُّ عبدُ الفتاح أبو غُدَّة - رحمه الله تعالى -: غَضْبات المُحَدِّثين لا يُقلَّدون فيها" انتهَى.
• قلتُ: وخُلاصةُ هذا الكَلام أن شُعبَةَ تكلَّمَ في الحَسَن بن عُمارَة، وتَبِعَهُ الثَّورِيُّ، وترَكَهُ ابنُ المُبارَك لقَولهِما. وقد رَاجَعَ شُعبةَ جماعةٌ من أهل العِلمِ والجَلالَة، مثلُ حمَّادِ بن زيدٍ، ومُعاذِ بن مُعاذٍ، وجَريرِ بن حازمٍ، في كلامه في الحسَن بن عُمارَةَ. كلُّ هذا، وشُعبةُ مُصِرٌّ على الكَلام فيه، فلماذا يا ترى؟
يرى الأستاذُ عوَّامَةُ أن هذا اندفاع من شعبَةَ، باعثُه الحِرصُ على السُّنَّة والذَّبُّ عنها، وهو باعثٌ محمُودٌ، لكنَّه لم يَكنُ مُحقًّا فيه، فصار شُعبَةُ كما يقال: "كالدُّبِّ الذي قَتَل صاحِبَه"، لمَّا رأَى ذُبابةً على رأسِهِ وهو نائم، فأرَادَ أن يُعاقِبَ الذُّبابَة، فأتى بحَجَرٍ، وألقاه على الذُّبَابة التي هي على رأس صاحبِه، فقَتَل المسكينَ، وهَشَّم رأسَه!! فهل رُؤيَةُ الأستاذ عوَّامة صحيحةٌ وعادلةٌ؟!
فأخرَجَ ابنُ عَدِيٍّ (٢/ ٦٩٨)، والعُقَيليُّ في "الضُّعَفاء" (٢/ ١٠ - ١١) عن أبي داوُد الطَّيالِسِيِّ، قال: قال لي شُعبَةُ: ائْتِ جريرَ بنَ حازِمٍ، فقُل له: لا يَحِلُّ لك أن تَروِي عن الحَسَن بن عُمارَة فإنَّه يَكذِبُ. - قال