للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- أحَدُ أَجِلَّاء البَصرَة ورُفَعَائِهم (١) -، وحمَّادُ بنُ زَيدٍ - وكان يُنَظَّر بالثَّورِيِّ والأَوزَاعِيِّ ومالكٍ -، كانا يَعتِبَان على شُعبَة بسبب كلامِهِ في الحَسَن هذا، ومَعَهُما مُعاذُ بنُ مُعاذٍ العَنبَرِيُّ - وهو من الجَلالة بمكانٍ رَفِيعٍ، حتى قال أحمدُ: إليه المُنتَهَى في التَّثبُّتِ بالبَصرة. وهو من الرُّواة عن شُعبَة، وكان له حَظوَةٌ عنده -.

وسِياقُ ابن عَدِيٍّ يُفيدُ أن مع الثَّلاثة عبَّادُ بنُ عبَّادٍ. فهؤلاء أربَعةٌ شافَهُوا شُعبَة بالعَتْب والإِنكارِ عليه: لِمَ يَتكلَّمُ في الحَسَن بن عُمارةَ؟

لكن قِصَّةُ إِنكارِ جريرِ بن حازمٍ، وحمَّادِ بن زيدٍ، جاءَت كما يلي، وأنقُلُها من عند ابن عَدِيٍّ: "قال شعبةُ: ألا تَعجَبُون من هذا المَجنُونِ! أتانِي هو وحَّمادُ بنُ زيدٍ، فكَلَّمَاني أن أكُفَّ عن ذِكر الحَسَن بن عُمارَةَ. أنا أكُفُّ عن ذِكرِه؟! لا والله! لا أكُفُّ عن ذِكرِه … ".

فالطَّابعُ العامُّ للقصَّة: حِرصُ شُعبَةَ على الذَّبِّ عن السُّنَّة، وشِدَّتُه في الله تعالى، وفي كَشفِه عن الكَذَّابين، وما إلى ذلك، وهذا ما يَجعَلُ الكَاتِبين في هذا الشَّأن يُسارِعُون إلى حكاية هذا الخَبَر ونَحوِه، وإلى إشاعته، ويَغِيبُ بعد ذلك ما وَراءَه!

ولكن يَنبَغِي النَّظَرُ بعينٍ أُخرَى، إلى مَوقِف جَريرٍ وحَمَّادٍ، وهُما مَن هُما، أنَّهُما كانا مُوافِقَين لشُعبَة في هذا المَوقِف بعينه. أمَّا مِن حيث الجُملَة، فدِفَاعُ شُعبَة، ونَدبُهُ نَفسَه لخدمة السُّنَّة، والدِّفاع عنها،


(١) أسبغ الأستاذُ عوَّامةُ الثَّناء على هؤلاء الأئمَّة - وهم كذلك -، لسببٍ لا يَخفَى على ذي لُبٍّ. ولكن، ثقتُهُم شيءٌ، واعتِمادُ كلامِهم في الرُّواة شيءٌ آخر.