للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَضَع عليهم الضُّعَفاءُ. كان يَسمَعُ من مُوسى بن مُطَيرٍ، وأبي العَطُوفِ، وأبانَ بنِ أبي عيَّاشٍ، وأَضرَابِهم، ثُمَّ يُسقِط أسماءَهم، ويَروِيها عن مَشايِخِهم الثِّقات، فلمَّا رَأَى شُعبَةُ تلكَ الأحاديثَ الموضُوعَة، التي يَروِيها عن أقوامٍ ثِقاتٍ، أَنكَرَها عليه، وأَطلَقَ عليه الجَرحَ، ولم يَعلَم أن بَينَهُ وبَينَهُم هؤلاء الكَذَّابين، فكان الحَسَنُ بنُ عُمارَةَ هو الجاني على نَفسِه بتَدلِيسِه عن هؤُلاء، وإِسقاطِهِم من الأخبار، حتَّى التَزَق الموضُوعاتُ به. وأَرجُو أن الله عز وجل يَرفَعُ لشُعبَةَ في الجِنان درجاتٍ، لا يَبلُغُها غيرُهُ، إلَّا مَن عَمِلَ عَمَلَهُ بذَبِّهِ الكَذِبَ عمَّن أخبَرَ الله عز وجل أنَّهُ لا يَنطِقُ عن الهَوَى، إن هُو إلَّا وَحيٌ يُوحَى، - صلى الله عليه وسلم - " انتهَى.

• قلتُ: فهل يُمكِنُ للأستاذ عوَّامةَ أن يَدَّعي أن المُحَدِّثين أجمَعين تناوَلُوا الحسَنَ بنَ عُمارةَ، مُتابِعِين شعبَةَ في رأيِهِ، لا يَعصِمُهُم وَرَع، ولا تَرُدُّهُم خَشيَةٌ، كأنَّمَا تحوَّلُوا جميعًا إلى ظَلَمَةٍ وفَجَرَةٍ؟!

ثُمَّ خَتَمَ الأُستاذُ بَحثَهُ قائلًا: "وانظُر بعدَ هذا تألُّمَ جَرِيرِ بن عبدِ الحَمِيد الضَّبِّيِّ، إذ يقُولُ: "ما ظَنَنتُ أنِّي أعيشُ إلى دَهرٍ، يُحَدَّثُ فيه عن مُحمَّد بن إسحاقَ، ويُسكَتُ فيه عن الحَسَن بن عُمارَةَ"! يريدُ: لا يُروَى فيه عن الحَسَن بن عُمارَةَ؛ فهو أجلُّ من مُحمَّد بن إسحاقَ بدَرَجَاتٍ، وحالُ ابن إسحاق وما استقرَّ عليه أمرُهُ من حيث القَبُول معلومَةٌ.

وما أعدَلَ ما حكاه البُخَارِيُّ في "تاريخه الكبير"، عن عبد الله بن مُحمَّد - وأظنُّهُ أبا بكرٍ بنَ أبي شَيبَة، بل هُوَ هُو - قال: "قيل لابن عُيَينَة: أكان الحَسَنُ بنُ عُمارَةَ يَحفَظُ؟ فقال: كان له فَضلٌ، وغيرُهُ أحفَظُ مِنهُ".