للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فالقَاعِدَةُ قاضِيَةٌ بـ "تقديم الجَرح على التَّعديل إذا كان مُفسَّرًا"، وجَرْحُ العُلماء أبا حَنِيفَة مُفَسَّرٌ بأنَّهُ سيِّءُ الحفظ.

ولا نَستَثنِي من هذه القاعدةِ أحدًا، كائنًا مَن كان.

ولا يَضُرُّ أبا حَنِيفَة - رحمه الله - ألَّا يَكُونَ حافظًا، فعِندَنا مثلًا حفصُ بن سُليمَان الأَسَدِيُّ، وهو رَاوِي القِراءَةِ الشَّهِيرَة عن عاصِمٍ، فقد حَكَم العُلماءُ بأنَّهُ مترُوكُ الحديثِ، مع إِطبَاقِهِم على إِمَامَتِه في القِراءَة. وكذلك الأَعمَشُ، أَطبَقُوا على أنَّهُ ثقةٌ ثبتٌ في الحديث، وجَعَلُوا قِراءَتَه في عِدادِ الشَّاذِّ. وهكذا، فليَكُن أبو حَنِيفَة من هذا الضَّرب، فشَيخُهُ حمَّادُ بن أبي سُلَيمان تَكَلَّم العُلماء في حِفظِه، مع اعتِرَافِهم بفِقهِهِ. وكذلك ابنُ أبي لَيلَى وشَرِيكٌ، كانا من الفُقَهاء المَشهُورين، مع سُوء حِفظِهم. فلا أَدرِي: لِمَ أقامَ الحَنَفِيَّةُ الدُّنيا ولم يُقعِدُوها لمَّا تَكلَّم المُحَدِّثُون في حفظ أبي حَنِيفَة، وصَيَّرُوهم جميعًا مُتَحامِلِين، لا يَصُدُّهم وَرَعٌ، ولا يَمنَعُهُم خوفٌ من الله أن يَفتَرُوا على الإمام الأَعظَم، ويَنسِبُون إليه ما هُو منه براءٌ؟!

نسألُ الله تعالَى أن يَرزُقَنا الإنصافَ والعَدلَ، في الغَضَب والرِّضا، إنَّه وليُّ ذلك ومَولَاه.

والله أعلم.