ويقول لك: إنَّ الهاربَ من أُمَّتك، بين هذه الجِبال، يتعوَّذُ بي من ناري"، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عُمَرُ! ويا سَلمَانُ! انطلِقا، فأتياني بثعلبةَ بنِ عبد الرَّحمن"، فخرَجَا في أنقاب المدينة، فلَقِيَهُما راعٍ من رِعاءِ المدينة، يُقال له ذُفَافَةُ، فقال له عُمَرُ: "يا ذُفافةُ! هل لك علمٌ بشابٍّ بين هذه الجبال؟ "، فقال له ذُفافةُ: "لعلَّك تُرِيد الهاربَ من جهنَّم؟ "، فقال له عُمَرُ: "وما عِلمُك أنَّه هرب مِن جهنَّمَ؟ "، قال: "لأنَّه إذا كان في جوف اللَّيل، خَرَج علينا من بين هذه الجِبَال، واضعًا يده على أُمِّ رأسِه، وهو يقُول: يا ربِّ! ليت قَبَضتَ رُوحِي في الأرواح، وجَسَدِي في الأجساد، ولا تُجَرِّدْني في فصل القضاء"، قال عُمَرُ: "إيَّاه نُرِيدُ"، - قال: - فانطَلَقَ بهم ذُفَافةُ، فلمَّا كان في جَوْف اللَّيل، خَرَج عليهم مِن بين تلك الجبال، واضعًا يده على أُمِّ رأسه، وهو يقُول: "يا ليت قبضتَ رُوحِي في الأرواح، وجَسَدِي في الأجسادِ، ولم تُجَرِّدني لفصل القضاء"، - قال: - فعدا عليه عُمَرُ، فاحتَضَنه، فقال: "الأمانَ! الأمانَ! الخلاصَ من النَّار! "، فقال له عُمَرُ بنُ الخطَّاب: "أنا عُمَرُ بنُ الخطَّاب"، فقال: "يا عُمَرُ! هل عَلِم رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِذَنبِي؟ "، قال: "لا عِلم لي، إلَّا أنَّه ذَكَرَك بالأمس، فبَكَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَرسَلَني وسَلمانَ في طلبك"، فقال: "يا عُمَرُ! لا تُدخِلني عليه إلَّا وهو يُصَلِّي، أو بلالًا يقولُ: قد قامت الصَّلاة"، قال: "أَفعَلُ"، فأقبَلُوا به إلى المدينة، فوَافَقُوا رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في صلاه الغَدَاة، فبَدرَ عُمَرُ وسَلمانُ الصَّفَّ فما سَمِع قراءةَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى خرَّ مغشِيًّا عليه، فلمَّا سَلَّم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: