ذَكَرناهم، ولذلك رجَّح التِّرمِذِيُّ هذا الوجهَ، فقال بعد رواية حديث وكيعٍ:"وهذا أصحُّ عِندِي من حديث مُحمَّد بن فُضيلٍ".
وخالَفَهُ أبو حاتمٍ الرَّازِيُّ - كما في "العِلل"(٢٦٠٣) -، "فرجَّح رواية ابن فُضيلٍ ومنصُورٍ، كما قال ابنُ عبد البَرِّ.
ومُستنَدُ أبي حاتمٍ، فيما أرى، أَفصَحَ عنه ابنُ عبد البَرِّ، كما يأتي في ..
الوجه الثَّاني: أن ابن عبد البَرِّ رجَّح حديثَ الأعمش، عن عليّ بن مُدرِكٍ، قائلًا: "لأنَّ الأعمش كان يُدلِّسُ أحيانًا"، وهو يعني أنَّه يُحتمَل أن يكون الأعمشُ أَسقَط عليَّ بنَ مُدرِكٍ، ورواه عن هلال بن يَسَافٍ مُباشَرةً، وهذا كلامٌ صحيحٌ، ولكن يَدفَعُه أن الأعمش قال: "ثنا هِلالٌ"، فأجاب ابنُ عبد البَرِّ بأنَّ هذا التَّصريح ليس بشيءٍ، والمُخطِئُ فيه إمَّا أن يكون زُهيرُ بنُ حربٍ، أو وكيعٌ.
والجواب: أنَّه لا وجه لتخطَئة واحدٍ مِنهُما ..
فأمَّا زُهير بن حربٍ، فقد تابعه أحمدُ بنُ حنبل، وابنُ أبي شيبة، وأبو عمَّارٍ حُسينُ بنُ حُريثٍ، وسهلُ بنُ عُثمان.
وأمَّا وكيعٌ، فقال ابنُ عبد البَرِّ: "وقد أن يكون مِن قِبَل حفظ وكيعٍ، وإن كان حافظًا".
فهذا كلامٌ غريبٌ، لأنَّنا لا نُنكِر إن الحافظُ الثَّبتُ في بعض ما يَروِيه، ولكن يبقى السُّؤال: ما الدَّليل على وَهَمِه؟ وليس في يد ابن عبد البَرِّ حُجَّةٌ على ما ادَّعاهُ، إلَّا ثبوتُ واسطةٍ بين الأعمش، وبين هلال بن يَسَافٍ، وهذا ليس بكافٍ في التَّخطئة.