ورواه وكيعٌ مرَّةً أُخرى، ومُعتَمِرُ بنُ سُليمان، عن الثَّوْرِيِّ، عن مُحارِب بن دِثارٍ، عن سُليمان بن بُريدة مثلَه.
ولا شكَّ أنَّ القاعدة العامَّة تَقضِي بترجيح رِواية الأكثرين، إلَّا إذا قامت قرينةٌ مع رِواية الأقلِّ، فنَسلُك سبيل الجَمع. وقد وَرَدت القرينةُ هنا، وهي أن وكيعًا رواه عن سُفيان على الوجهين معًا، ورواه عن وكيعٍ على الوجهين ثِقَاتُ أصحابِه وحُفَّاظُهم. ووكيعٌ كان من الأثبات في الثَّوْرِيِّ. ثُمَّ الثَّوْرِيُّ واسعُ الرِّواية، ولا مانع أن يَكُون الخَبَرُ الواحدُ عنده عن شيخين وأكثر. فإذا أَضَفتَ إلى ذلك أن مُعتَمِر بن سُليمان، وهو من الحُفَّاظ، وافق وكيعًا على جَعلِ شيخِ الثَّوريِّ مُحارِبَ بنَ دِثارٍ، عَلِمتَ أن هذا من اختلاف التَّنَوُّع، الذي يَزِيد الحديثَ قُوَّةً، وليس هو من اختلاف التَّضَادِّ بسبيل.
ولكن وقع في رواية الثَّوْرِيِّ عن مُحارِب بن دِثارٍ اختلافٌ، يَقدَحُ في كونها محفوظةً، كما رأيتَ في كلام الحُفَّاظ.
وبيانُ ذلك:
أنَّ وكيعًا، ومُعتَمِرَ بنَ سُليمان، ومُعاويةَ بنَ هشامٍ، رَوَوْا الحديثَ عن الثَّوْرِيِّ، عن مُحارِب بن دِثارٍ، عن ابن بُرَيدة، عن أبيه مرفُوعًا.
وخالَفَهُم عبدُ الرَّحمن بنُ مَهدِيٍّ، فرَوَاهُ عن الثَّوْرِيِّ، عن مُحارِب بن دِثارٍ، عن سُليمان بن بُرَيدة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرسَلًا ..
أخرَجَهُ أبو عُبيدَ في "كتاب الطَّهُور"(ق ٦/ ٢ - ٧/ ١) ..
وابنُ جَريرٍ (٦/ ٧٣) قال: حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، قالا: ثنا عبد الرَّحمن