للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذا قال! ورِوَايَةُ التِّرمِذِيِّ ترُدُّ عليه.

• قلتُ: فقد رأيتَ -أَرَاكَ اللهُ الخَيرَ- أنَّهُ رواهُ عن الوَلِيدِ بنِ مُسلِمٍ اثنان:

* أوَّلُهما: سُليمانُ بنُ عبدِ الرَّحمن ابنُ بنتِ شُرَحبِيلَ، أحدُ الثِّقَات. والخَلَلُ في روايته يأتي من جِهَتَين:

الأُولَى: إذا رَوَى عن الضُّعَفَاء والمَجَاهِيل، وكان مِن أَروَى النَّاس عَنهُم، كما قال أبُو حَاتِمٍ. ومن كَثُر هذا مِنهُ دلَّ على قِلَّة تمَيِيزٍ، كما قال أبو حاتِمٍ: "وهو عِندِي في حدِّ لَو أَنَّ رجُلًا وَضَعَ له حدِيثًا لم يَفهَم، وكان لا يُميِّز".

الثَّانِيَةُ: قال يعقُوبُ بن سُفيانَ في "تاريخه" (٢/ ٤٠٦): "كان سُليمانُ صحيحَ الحديثِ، إلَّا أنَّهُ كان يُحوِّل، فإن وَقَعَ فيه شَيءٌ فَمِن التَّنَفُّل" انتهَى. وهذا أيضًا، مع أنَّهُ أَخَفُّ مِن قول أبي حاتِمٍ، إلَّا أنَّهُ يدُلُّ على عَجَلَةٍ، وقِلَّةِ مُبَالاةٍ. ولستُ أسعَى بهذا إلى تَضعِيفِهِ، إنَّما لِأُبيِّن كيف وَقَعَ له الوَهَمُ في هذا الحديثِ.

وقد عَلَّق الشَّيخُ العَلَّامةُ عبدُ الرَّحمن بنُ يَحيَى المُعَلِّمِيُّ على قَولِ يعقُوبَ ابنِ سُفيانَ، في حاشِيَتِهِ على "الفوائد المجمُوعَة" (ص ٤٣) للشَّوْكَانِيِّ، فقال: "يَعنِي: أنَّ أُصُولَ كُتُبِهِ كانت صَحِيحةً، ولكنَّهُ كان يَنتَقِي مِنها أحاديثَ يَكتُبُهَا في أَجزاءَ، ثُمَّ يُحدِّث عن تِلكَ الأَجزَاءِ، فقَد يَقَعُ له خَطأٌ عِند التَّحوِيلِ، فيَقَعُ في بعضِ الأَحَادِيث في الجُزءِ خَطَأٌ، فيُحدِّث بِهِ. وَأَحسبُ بَلِيَّةَ هذا الخَبَر مِن ذاك، كأَنَّهُ كان في أَصلِ سُليمانَ خبرًا آخرَ، فيه: "حدَّثَنا الوَلِيدُ، حدَّثنا ابنُ جُرَيجٍ"، وعِندَهُ هذا الخَبَرُ بسَنَدٍ آخرَ إلى ابن جُرَيجٍ،