للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فانتَقَلَ نظَرُه عِند النَّقلِ مِن سَنَدِ الخَبَر الأَوَّل، إلى سَنَد الخبر الثَّانِي، فتَرَكَّبَ هذا الجُزءُ على ذاك السَّنَدِ، وكأنَّ هذا إنَّما اتَّفِق له أَخِيرًا، فلَم يَسمَع الحفاظُ الأَثبَاتُ كالبُخارِيِّ، وأبي زُرعَةَ، وأبي حاتِمٍ هذا الجُزءَ منه، ولو سَمِعَهُ أحدُهُم لنَبَّهَهُ، ليُراجِع الأصلَ" انتهَى.

وهذا الكَلَامُ النَّفِيسُ يؤَيِّدُه قولُ الذَّهَبِيِّ في "الميزان" (٢/ ٢١٤): "فلعَلَّ سُليمانَ شُبِّه له، وأُدخِلَ عليه، كما قال فيه أبو حاتِمٍ: لو أنَّ رجُلًا وَضَعَ لَهُ حديثًا لم يَفهَم" انتهَى.

• قلتُ: وكان سُليمانُ مِنَ الحُفَّاظ المَشهُورِين بِسِعَةِ مَروِيَّاتِهم، وقد قال الجُوْزْجَانِيُّ: "كُنَّا عند سُليمانَ بنِ عبدِ الرَّحمن، فلَمْ يَأذَن لنَا أيَّامًا، فلمَّا دَخَلنَا عليه، قال: بَلَغَنِي وُرُودُ هذا الغُلام الرَّازِيِّ -يعني: أبا زُرعَةَ-، فدَرَستُ لِلِقَائِهِ ثَلاثَمِئَةِ ألفَ حديثٍ"، وهذا العَدَدُ مع ضخَامَتِهِ، فليس كُلَّ مُحفُوظِهِ. فإذا كان مُكثِرًا هكذا، وهُو مع ذلك مِن أَروَى النَّاس عن الضُّعَفَاء والمَجَاهِيل، فدُخُولُ الخَلَل في رواياته مُتَحَقِّقٌ، لا مَحَالَةَ. أمَّا خَطَؤُهُ في نفسه فكما يُخطِئُ النَّاسُ، كما قال أبو داوُد.

* أمَّا رِوايَةُ هشام بن عمَّارٍ، فقد مَرَّ بنا أنَّ الفَضلَ بن مُحمَّدٍ العَطَّارَ رواها عن هشامٍ، عن الوَلِيدِ بن مُسلِمٍ، عن ابن جُرَيجٍ، عن عطاءٍ، وعِكرِمَةَ، عن ابن عبَّاسٍ.

وخالَفَهُ جماعَةٌ، فرَوَوهُ عن هشامِ بنِ عمَّارٍ، قال: ثنا مُحمَّدُ بنُ إبراهِيمَ القُرَشِيُّ، حدَّثَنِي أبو صالحٍ، وعِكرِمةُ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال عليُّ ابنُ أيي طالبٍ: "يا رسُولَ الله! القُرآنُ يَنفَلِتُ مِن صَدرِي"، فقال النَّبيُّ