وهذا المعنى يُعارِضُ ظاهرَ قولِهِ في هذا الحديث:"ومَا فاتَتهُ، ولما فاتَهُ مِن وقتِهَا"؛ لأنَّ قولَهُ "فَاتَهُ وَقتُهَا"، غيرُ قَولِهِ:"فاتَهُ من وقتِهَا".
فكأن مالكًا -رَحِمَهُ اللهُ- لم يَرَ أنَّ بين أوَّلِ الوَقتِ ووسطِهِ وآخرِهِ من الفضلِ ما يُشبهُ مُصِيبَةَ مَن فاتَه ذلك بمصيبة مَن ذَهَبَ أهلُهُ ومالُهُ؛ لأنَّ ذلك إنَّما وَرَدَ في ذَهاب الوقت كلِّه.
هذا عندي معنَى قولِ مالكٍ، واللهُ أعلم؛ لأنَّ في هذا الحدِيثِ أنَّ فواتَ بعضِ الوَقتِ كَفَوَاتِ الوقت كُلِّه، وهذا لا يقُولُهُ أحد من العُلماء، لا مَن فضَّل أوَّلَ الوقت على آخرِهِ، ولا من سوَّى بينهُما؛ لأنَّ فَوْتَ بعضِ الوَقتِ مُباحٌ، وفَوْتَ الوقتِ كُلِّه لا يجُوزُ، وفاعِلُهُ عاصٍ لله إذا تعمَّدَ ذلكَ، وليسَ كذلك مَن صَلَّى في وسطِ الوقتِ وآخِرِه، وإن كان مَن صَلَّى في أوَّل الوَقتِ أفضَلَ منه، وتدبَّرْ هذا تَجده كذلك إن شاء اللهُ" انتهَى كلامُهُ.