للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِحِفظِ الفَرْج، إلَّا على الزَّوجة ومِلكِ اليَمِين، فلا مَلامَةَ في ذلك، وهذا عُمومٌ في رُؤيتِهِ، ولَمسِهِ ومُخالَطَته. وما نَعلَمُ للمُخالِف تعلّقًا إلَّا بأثرٍ سخيفٍ، عن امرأةٍ مَجهولة، عن أُمِّ المُؤمِنين: "ما رَأيتُ فَرْج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وآخرَ في غاية السُّقوطِ: عن أبي بَكرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وزُهير بنِ مُحمَّدٍ، كلاهما عن عبدِ المَلِك بن أبي سُليمان العَرْزَمِيِّ. وهؤلاء ثَلَاثُ الأَثَافِي، والدِّيارُ البَلَاقِعُ، وأحدُهم كان يَكفِي في سُقوط الحديث" انتهَى.

• قلتُ: هوَّل ابنُ حزمٍ على عادته في الجَرح؛ فأبو بَكرٍ بنُ عيَّاشٍ ثقةٌ في نَفسِه، ولكن ساء حِفظُه لما كَبِر. وكتابُه صحيحٌ. وزُهيرُ بنُ مُحمَّدٍ فضُعِّفَ بسبب روايةِ أهل الشَّام عنه، فكَثِيرٌ منها مَنَاكِيرُ. وأمَّا عبدُ المَلِك ابنُ أبي سُليمان فهو أقواهم، وإنَّمَا نَقَم عليه شُعبةُ حديثَ الشُّفعَةِ، وما أحسنَ ما قاله الخطيبُ في "تاريخه" (١٠/ ٣٩٥): "وقد أساء شُعبَةُ في اختياره، حيثُ حدَّثَ عن عُبيد الله العَرْزَمِيِّ، وترك التَّحدِيثَ عن عبد المَلِك بنِ أبي سُليمان؛ لأنَّ مُحمَّدَ بنَ عُبيد الله لم يَختَلِف الأئمَّةُ من أهل الأَثَر في ذَهَاب حديثِه، وسُقوط رِوايَتِه، وأمَّا عبدُ المَلِك فثناؤُهُم عليه مُستَفِيضٌ، وحُسنُ ذِكرِهم له مَشهُورٌ" انتهَى.

فهل يَلتَئِمُ هذا مع قَول ابنِ حَزمٍ: إنَّ واحدًا مِنهُم يكفي لسقوط الحديث، وأنَّهم "ثَلَاثُ الأَثَافِي، والدِّيَارُ البَلَاقِع"؟!

فالله تعالى يَتَجَاوَزُ عنَّا وعنه.

• قلتُ: وعلي النَّقِيضِ تمامًا مِن صنيع ابن حَزمٍ، تَرَى قولَ أبي الفَيضِ الغُمَارِيِّ في "المُداوِي" (٢/ ٢٨٧ - ٢٨٨).