للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقد ذَكَر السِّيُوطِيُّ في "الجامع الصَّغِير" حديثَ: "إنَّ اللهَ جَعَلَهَا لكَ لِباسًا، وجَعَلَكَ لها لِباسًا، وأَهِلي يَرَونَ عَورَتي، وأنا أَرَى ذلك مِنهُم". فتَعَقَّبَ الغُمَارِيُّ المُنَاوِيَّ من وُجُوهٍ، الذي يعنينا مِن كلامِهِ الوجهُ الأَوَّلُ، فقال: "أنَّ هذا الحديثَ منُكَرٌ باطلٌ؛ لمُخالَفَتِهِ الصَّحيحَ مِن سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والثَّابِتَ المعرُوفَ مِن هَديِهَ وَأَمرِهِ. والصَّحِيحُ عن عائشة -رضي الله عنها- قولهُا: "مَا رَأيتُ ذلك منه، ولا رآه مِنِّي". وفي سِياقِ الحديثِ مِن أَصلِهِ نَكَارَةٌ، وهو: سعدُ بنُ مسعُودٍ اللَّيثِيُّ، قال: أَتَى عُثمانُ بنُ مَظعُون رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إنِّي أَستَحِي أن يَرَى أهلي عَورَتِي قال: "وَلِمَ، وقد جَعَلك اللهُ لُهنَّ لِباسًا، وجَعَلهم لك لِباسًا؟! قال: "أَكرَهُ ذلك قال: "فإِنَّهم يَرَونه مِنِّي، وأَرَاه منهم قال: "أنت رسولُ الله! قال: "أنا قال: "أنتَ! فمَن بَعدَك إذَنْ؟! "، فلمَّا أَدبَرَ عُثمانُ، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ ابنَ مَظعُون لحَيِيٌّ سِتِّيرٌ". ففي هذا السِّياقِ، ومُراجَعَةِ ابنِ مَظعُون للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الأمر، بذلك التعبيرِ الغَرِيبِ، ما يدُلُّ على نَكَارَتِه وبُطلانِهِ، قَبل مخُالَفتِهِ للثَّابِت من سُنَّتِه -صلى الله عليه وسلم-، فكيف وفي سَنَدِه عند ابنِ سعدٍ عبدُ الرَّحمن بنُ زيادٍ الإِفرِيقِيُّ، رَاوِى الغرائبِ والمُنكَراتِ، والمُدلِّسُ عن الكَذَّابين، والرَّاوِي عن المجهولين. وفي سَنَدِه عند الطَّبَرَانِيِّ يحيى بنُ العَلَاء، وهو كَذَّابٌ، يَضَعُ الحديثَ، كما قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ. فكيف يُقبَل ما رواه مثلُ هؤلاء في مُعارَضَةِ الصَّحيح مِن سُنَّة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وهَديِهِ؟! " انتهَى.

هكذا قال! وهو مُحِقٌّ في إنكارِهِ حَدِيثَ عُثمانَ بنِ مَظعُون. ولكنَّه زَعَم