يَكُن أبو الصَّلت عندنا من أهل الكَذِب، وهذه الأحاديثُ التي يرويها ما نعرِفُها".
وقال عبدُ الخالق بنُ منصُورٍ: سألتُ يحيَى بنَ مَعينٍ عن أبي الصَّلتِ، فقال: "ما أعرفُهُ"، فقلتُ: "إنَّه يَروِي حديثَ الأعمَشِ، عن مُجاهِدٍ، عن ابن عبَّاسٍ: أنا مَدِينةُ العِلمِ وعليٌّ بابُها"، فقال: "ما هذا الحديثُ بشيءٍ".
قال الخطيبُ: "أحسِبُ عبدَ الخَالِق سألَ يحيى عن حالِ أبي الصَّلتِ قدِيمًا، ولم يَكُن يحيى إذ ذاك يَعرِفُه ثُمَّ عَرَفه بعدُ، فأجاب إبراهيمَ بنَ الجُنَيد عن حالِهِ. وأمَّا حديثُ الأعمش فإنَّ أبا الصَّلتِ كان يروِيهِ عنه، فأنكَرَهُ أحمدُ بن حنبَلٍ ويحيى بنُ مَعِينٍ من حديث أبي مُعاوِية، ثمَّ بَحَثَ يحيَى عنه فوجد غيرَ أبي الصَّلتِ قد رواه عن أبي مُعاوية".
• قلتُ: فهذا توثيقُ ابن معينٍ، ومع توثيقِهِ فقد رَدَّ الحديثَ ووهَّاه.
أمَّا توثيقُهُ ..
فقد ردَّهُ الذَّهبيُّ في "السِّيَر" (١١/ ٤٤٧) بقوله: "جُبِلَت القُلوبُ على حُبِّ من أحسَن إليها، وكان هذا بارًّا بيحيَى، ونحن نَسمَعُ مِن يحيَى دائمًا ونحتجُّ بقوله في الرِّجال، ما لم يتبرهَن لنا وَهَنُ رجلٍ انفَرَد بتقوِيَتِهِ، أو قُوَّةُ من وهَّاهُ" انتهَى.
فبيَّن لنا الذَّهبيُّ العلَّةَ في توثيق ابن مَعِينٍ - مع تشدُّدِه - لأبي الصَّلتِ، وهي إحسانُهُ إلى يحيى، وحُسنُ ظَنِّ يحيى فيه، لاسيَّما وكان أبو الصَّلتِ موصُوفًا بالزُّهد والعِبادة، وابنُ مَعِينٍ في نهاية الأمرِ بَشَرٌ ولا ندَّعِي أنَّه