الأوَّل: قال ابنُ المَدِينِيِّ: "ما رَوَى داوُدُ بنُ الحُصَين، عن عِكرِمة: فمُنكَرٌ"، وهذا الحديثُ من رِوَايَتِهِ عنه.
وقد قال الحافظ في "التَّقريب" في تَرجَمَةِ داوُد: "ثِقَةٌ، إلَّا في حديث عِكرِمَةَ"! فما بالُهُ يُحَسِّنُ حديثَهُ هنا؟!
الثَّاني: أن مُحمَّد بنَ إسحاقَ مُدَلِّسٌ، وقد عَنعَنَهُ. وقد أقرَّ الحافظُ بذلك، فقال في "التَّغليق"(٢/ ٤١): "لَم أَرَهُ - يعني: مِن حديثِ ابن إِسحاقَ - إلَّا مُعَنعَنًا". وسَبَقَهُ إلى ذلك شَيخَاهُ العِرَاقِيُّ في "المُغنِي"(٤/ ١٥١)، والهَيثَمِيُّ في "المَجمَع"(١/ ٥٠).
أمَّا الشَّيخُ أبو الأشبال أحمدُ شاكر رَحِمَهُ اللهُ، فقال في "شرح المُسنَد"(٢١٠٧): "إسنادُهُ صحيحٌ"!!
وهو خطأٌ، لا إِشكَالَ فيه، وأظنُّ الشَّيخَ لَم يَستَحضِر كلامَ ابن المَدِينِيِّ السَّابِقَ؛ لأنِّي رأيتُهُ يُصَحِّحُ حديثَ دَاوُدَ بن الحُصَين، عن عِكرِمِةَ، في تخريجِهِ على "المُسنَد". وانظُر الأرقامَ: ١٨٧٦، ٢٣٦٦، ٢٣٨٢، ٢٣٨٧. وحَسَّنَه في الأرقام: ٢٧٢٨، ٢٧٢٩. وإنَّمَا حَسَّنَهُ الشَّيخ رَحِمَهُ اللهُ لأمرٍ آخرَ في السَّنَد (١)، بِخِلَافِ رواية داوُد، عن عِكرِمَة. وأخشى أن يَكُون الشَّيخُ طالَع كلامَ ابن المَدِينِيِّ السَّابقَ، وأَغضَى الطَّرَف عنه؛ لأنَّهُ لم يَقنَع به! وقد فَعَلَ ذلك في مَوَاضِعَ.
(١) وهو أنَّه من رواية إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو ضعيفٌ بلا ريبٍ، ومع ذلك فالشَّيخ يُحسِّن حديثَه!! رحمه الله وغفر لنا وله.