للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ص:٧) لابن أبي حاتِمٍ: أنَّهُ لا يُحتَجُّ بالمَراسيل، ولا تَقُومُ الحُجَّة إلَّا بالأسانيد الصَّحِيحَةِ، ووَضَعَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ ضوابطَ لقَبُول المُرسَل تَجِدُها في "الرِّسالة" (ص: ٤٦٢ - ٤٦٥).

فهذا النَّوعُ من الأحاديثِ - أعني: المُرسلَ - هو أَكثر الأنواع وَقَعَ فيه النِّزاعُ بين المُحَدِّثين والفُقَهاء. والصَّحيح أنَّهُ ليس بحُجَّةٍ على انفِرَادِه، إلَّا إذا انضاف إليه ما يُعَضِّدُهُ، كما هو مُقَرَّرٌ في مَوضِعِه.

وتَوَسَّعَ المُتأَخِّرُون في قَبُول الضَّعيف، لا سيَّما في فَضَائِل الأَعمَالِ، وجَعَلُوا الحديثَ المُنكَرَ من جُملَة الضَّعيف، والحديثُ المُنكَرُ - لا سيَّما عند مُتَقَدِّمي العُلماء - هو والعَدَمُ سِيَّان، فيَأتِي المُتأخِّرُ فيَعمَلُ به على اعتبار أنَّهُ ضعيفٌ، وأنَّه يُعمَلُ بالضَّعيف في الفَضائِل، غيرَ مُعتَبِرٍ قدرَ الضَّعف فيه.

فاتَّسَع الخَرْقُ على الرَّاقِعِ.

والصَّوابُ من القَولِ في هذا، والذي أدينُ الله تعالى به أنه: لا يَجُوزُ أن يُحتَجَّ في شيءٍ من الدِّين إلَّا بالحديثِ الصَّحيح أو الحَسَن، لا فَرقَ عندنا بين حُكمٍ شَرعِيٍّ في الحَلَال والحرام، وبين فَضِيلَةِ عَمَلٍ، وهذا مَذهَبُ أكابرِ العُلمَاء مثلِ ابن مَعِين، والبُخَارِيِّ، ومُسلِمٍ، وأبي حاتِمٍ، وأبي زُرعَةَ، وابنِ خُزَيمَةَ، وابنِ حِبَّانَ، وأبي زَكَرِيَّا النَّيسابُورِيِّ، في آخَرِين يطُولُ الأمرُ بذِكرِهِم.

ومن الغرائب أن أحد تَلامِذَةِ هؤُلاء الغُمارِّيين من أهل عَصرِنا، وممَّن ابتُلِيَت مِصرُ بأنَّهُ صار مُفتِيًا لها، ادَّعَى أن الذي زَعَم أن الضَّعيفَ لا يُعمَلُ به مُطلقًا هو الشَّيخُ الألباني - رحمه الله -، وزَعَمَ - وهو شافعيُّ المَذهَب -