للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثمَّ قال (ص ٨٥): "وما كان أحمدُ بنُ حَنبَلٍ، ولا أمثالُهُ من الأئمَّةِ يَعتَمِدُون على مثلِ هذه الأحاديثِ في الشَّرِيعَةِ. ومن نَقَلَ عن أحمدَ أنَّهُ كان يَحتَجُّ بالحديثِ الضَّعيفِ الذي لَيسَ بصحيحٍ ولا حَسَنٍ، فقد غَلَطَ عليه … ".

وقال العلَّامَةُ أحمد شاكر في "الباعث الحثيث" (ص ١٥١): "وأمَّا ما قالَهُ أحمدُ بنُ حَنبَلٍ وعبدُ الرَّحمن بنُ مَهدِيٍّ وعبدُ الله بنُ المُبارَك: "إذا رَوَينَا في الحَلَالِ والحَرَام شَدَّدْنا، وإذا رَوَينَا في الفَضَائلِ ونَحوِهَا تَسَاهَلنا"، فإنَّما يُرِيدُون به - فيما أُرَجِّحُ، واللهُ أعلَمُ - أن التَّسَاهُلَ إنَّما هو في الأخذ بالحديثِ الحَسَن الذي لم يَصِل إلى درجَةِ الصِّحَّة، فإنَّ الاصطلاحَ في التَّفرقَة بينَ الصَّحيحِ والحَسَنِ، لم يَكُن في عَصرِهم مُستَقِرًّا واضحًا، بل كان أكثَرُ المُتقدِّمِين لا يَصِفُ الحديثَ إلَّا بالصِّحَّةِ أو بالضَّعفِ فقط".

قُلتُ: وعِندِي وجهٌ آخَرُ في ذلك، وهو أن يُحمَلَ تساهُلُهم المَذكُورُ على روايَتِهم إيَّاها مقرُونَةً بأسانِيدِها - كما هي عادَتُهُم - هذه الأسانيدُ التي بها يُمكِنُ معرفَةُ ضَعفِ أحادِيثِها، فيكُونُ ذِكرُ السَّنَد مُغنيًا عن التَّصريح بالضَّعف، وأمَّا أن يَروُوها بدُون أسانِيدِها، كما هي طريقَةُ الخَلَف. ودون بيان ضعفَها، كما هو صَنيعُ جُمهُورِهِم، فَهُم أجَلُّ وأتقَى لله عَزَّ وَجَلَّ مِن أن يَفعَلُوا ذلك. والله تعالى أعلَم".

ثم تكلَّم الشَّيخُ عن شُروط العمل بالحديث الضَّعيف، فقال:

وأَرَى لِزامًا عليَّ بهذِهِ المُناسَبَة، أن أُسجِّلَ هنا تِلكَ الشُّرُوطَ من مَصدَرٍ موثُوقٍ، ليُرَى مَبلَغَ بُعدِ النَّاس عن التِزامِهَا، الأمرُ الذي أدَّى بِهِم إلى