للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقد قال الحافظُ في "الإصابة" (٣/ ٤٤١): "إنَّ البُخاريَّ أوردَ هذا الإشكال قديمًا".

ولمَّا رَوَى البزَّارُ هذا الحديثَ في "مُسنَده"، قال: "هذا الحديثُ كلامُهُ منكَرٌ، ولعلَّ الأعمشَ أخذه من غير ثقةٍ فدلَّسَهُ، فصار ظاهِرُ سنده الصِّحةُ، وليس للحديث عندي أصلٌ".

وخُلاصة الإشكال، أن صفوان بن المعطِّل لمَّا رُمِي بعائشَةَ - رضي الله عنها - في حديث الإفك المشهور، في "الصَّحيحين" وغيرهما، قال: "سُبحان الله! والله! ما كَشَفتُ كَنَفَ أُنثَى قطُّ! "، فيكونُ حديث أبِي سعيدٍ هذا منكرًا؛ إذ فيه أن لصفوانَ زوجةً، فكيف يقولُ: "والله! ما كشفتُ كنف أنثى قطُّ! "؟، فلهذا استَشكَلَه البُخاريُّ، وأنكره البزَّارُ.

ولكن يُجاب عنه بأنَّ الجمعَ أولَى من التَّرجيحِ، فالأصلُ في الدَّليلين الصَّحيحَين الإعمالُ لا الإهمالُ، والجَمعُ هنا مُمكنٌ، بل ظاهرٌ، وهو أنْ يكون حديث أبِي سعيدٍ هذا متأخرًا عن حادثة الإفك، فيُحمَل قولُه: "ما كشفتُ كنفَ أُنثَى قطُّ! " على أنَّه لم يكُن تزوَّج آنذاكَ، ثُمَّ تزوَّج بعد ذلك، فشَكَتهُ امرأتُهُ. وبهذا أجاب الحافظ.

وهناك جوابٌ آخرُ. قال القُرطُبيُّ: قولُه: "ما كشفتُ كنفَ أُنثَى قطُّ"، يعنى: بزنًا، أي في الحرام. ولكن اعتَرَضَه الحافظُ بقولِهِ: "فيه نظرٌ؛ لأنَّ في رواية سعيد بن أبِي هلالٍ، عن هشام بن عُروة، في قِصَّة الإفكِ، أن الرَّجُل الَّذي قيل فيه ما قيل لمَّا بلغهُ الحديثُ قال: "والله! ما أصبتُ امرأةً قطّ، حلالًا ولا حرامًا"، وفي حديث ابن عبَّاسٍ