ضعيفٌ. عبدُ الكَريم مُتَّفَقٌ على تضعيفه، وقد تفرَّد بهذا الخبر. وعارَضَهُ خبرُ عُبيدِ اللّه بن عُمر العُمَرِيِّ الثِّقةِ المأمونِ المُجمَعِ على تثبُّتِه. ولا يُغتَرُّ بتصحيح ابنِ حِبَّان (١) هذا الخبرَ عن طريق هشام بن يُوسُف، عن ابن جُريجٍ، عن نافِعٍ، عن ابن عُمر؛ فإنَّه قال بعدَهُ:" أخافُ أن يكون ابنُ جُرَيجٍ لم يسمعه من نافِعٍ "، وقد صحَّ ظنُّهُ؛ فإنَّ ابنَ جُرَيجٍ إنَّمَا سمعه من ابن أبي المُخارِقِ، كما ثبتَ في رواية ابنِ ماجَهْ هذه والحاكمِ في " المُستدرَك "، واعتذر عن تخريجهِ بأنَّه إنَّما أخرجَهُ في المُتابَعات " انتهَى.
• قلتُ: فظَهَر مِن هذا التَّخريج أنَّ ابنَ جُريج دلَّس ابنَ أبي المُخارِق وأسقَطَه، وكان قَبِيحَ التَّدليسِ، كما قال الدَّارَقطنيُّ: " تَجنَّب تَدلِيسَ ابن جُريجٍ؛ فإِنَّه قبيحُ التَّدليس، لا يُدلِّس إلَّا ما سَمِعَهُ مِن مجَرُوح ". وعبدُ الكريم ضعيفٌ، وترَكَهُ جماعةٌ من النُّقَّاد.
ولذلك قال ابنُ المُنذِر: " هذا لا يَثبُت ".
أمَّا الشَّوكانيُّ، فنَقَل في " السَّيل الجرَّار " (١/ ٦٧) أنَّ السِّيُوطيَّ صحَّحه!! فرُبَّما نَظَرَ السِّيُوطيُّ إلى رواية ابنِ حِبَّانَ، وأهمَلَ تدليس ابن جُريجٍ، والسِّيوطيُّ مُتساهِلٌ كما هو مَعلُومٌ.
ثُمَّ إنَّ الحديث عند ابنِ حِبَّانَ عن ابن عُمر. والمعرُوفُ أنَّه عن عُمَر، فلا أَدرِي: أَهَذَا اختلافٌ في السَّنَد، أم وَقَع سقطٌ في كتاب ابن حِبَّانَ؟!
(١) لم يروه ابنُ حِبَّان ساكِتُا عنه حتَّى يُقال: "لا يُغترُّ"، إنَّما أبانَ عن عِلَّته. وهذا مثلما يَفعله شيخُهُ ابنُ خَزيمة إذا روى حديثًا ثُمَّ قال: "إن صحَّ الخَبرُ"، فلا يُقال في مثل هذا: صحَّحه ابنُ خُزَيمة. والله المُوفِّقُ. ثمَّ حُكمُه على إسناد الخَبَر بالضعف فقط مع قوله: "ابنُ أبي المُخارق مُتَّفقٌ على ضعفه" لا يَستقِيم، بل ينبغي أن يقول: "ضعيفٌ جدًّا ".