"قُلتُ: الشَّارِحُ تسلَّطَ على الحديثِ وهو لَيسَ مِن أهلِهِ ولا ضُرِبَ لَهُ بسَهمٍ فيه، ومَن لا يُفَرِّقُ بين سُوَيدِ بنِ سَعيدٍ الهَرَوِيِّ الحدَثَانِيِّ، وبين سُوَيدٍ الطحَّانِ، كيف يَتَعَقَّبُ على مِثلِ الحافِظِ العَلَائِيِّ؟! إنَّ هذا لعَجَبٌ!
فسُوَيدُ بنُ سعيدٍ المَذكُورُ في سندِ الحديثِ هو الأوَّلُ، وهو مِن رجالِ مُسلِمٍ. فالحديثُ على شَرطِهِ كما قالَ العَلائِيُّ.
وسُويدُ بنُ سعيدٍ وإن كان مخُتَلَفًا فيه، إلَّا أنَّ أكثرَ ما عِيبَ به التَّدليسُ، وكَونُهُ عَمِيَ فصارَ يَتَلقَّنُ. وإنَّمَا أَفحَشَ القولَ فيه ابنُ مَعينٍ للعصبيَّةِ المَذهَبِيَّةِ، ومُشارَكتِهِ نُعيمَ بنَ حمَّادٍ في رِوايَةِ الحديثِ الوَارِدِ في ذَمِّ الحنَفِيَّةِ، وإلَّا فقد وَثقَهُ جماعة، وقال مَسلَمَةُ: "هو ثِقَةٌ ثِقةٌ"، وقال إبراهيمُ بنُ أبي طالبٍ: "قلتُ لمُسلِمٍ: كيف استَجَزتَ الرِّوايَةَ عن سُويدٍ في الصَّحيح؟ فقالَ: ومِن أينَ كُنتُ آتي بنُسخَةِ حفصِ بنِ مَيسَرَة؟! " ا. هـ.
فمُسلِمٌ رَوَى عنه نُسخَةَ حفصِ بنِ مَيسرَةَ، وهي معرُوفَةٌ مأمُونٌ أمرُهَا؛ لأنَّها مكتُوبَةٌ محفُوظَةٌ، وهذا الحديثُ أيضًا منها، فإنَّ سُويدًا رواهُ عن حفصِ بنِ مَيسَرَةَ، عن زيدِ بنِ أَسلَمَ، عن ابن عُمَرَ" انتهى كلامُ الغُمارِيِّ.
"قلت: ولي مُلاحَظاتٌ على كلامِهِ:
* الأُولى: أنَّهُ وَافَقَ الحافظَ العَلَائِيَّ على أنَّ الحديثَ على شرطِ مُسلِمٍ. وليس كذلك؛ فإنَّ هذه التَّرجَمَة لم تَقع عند مُسلِمٍ، ولم يَروِ مُسلمٌ لـ "زَيدِ ابنِ أَسلمَ، عن ابنِ عُمَرَ" قط. فالعُلماءُ يَشتَرِطُون أن تَقَع التَّرجمَةُ كاملةً إلى مُنتهَاهَا في "الصَّحيح"، وإلَّا فيُقالُ: "رِجالُهُ رجالُ مُسلِمٍ"،