العجمِ، لا يَهوَى إلَّا حالَةَ العَجَم ولا يُقدِّس إلَّا سيرَتهم ولا يَعتَقِدُ الفَضلَ والخَير إلَّا في اتِّباعِهِم. فكيف يكُونُ الحديثُ ضعيفًا وقد ظَهَر مِصداقُهُ بعد مُضِيِّ أزيَدَ من ألف سنةٍ؟! هذا، وإِنِّي في شكٍّ مِن وُجُود حديث أبي هُريرَة في "مُستَدرَك الحاكِم"، فقد تَتَبَّعتُه في مظانِّه فلم أرَهُ فيه، وقد اقتَصَر الحافِظان المُنذِريُّ والعِراقِيُّ على عَزوِهِ لأَحمدَ مِن حديث سهل بن سعدٍ، وما تَعرَّضا لحديثِ أبي هُريرة، فالغَالِب أنَّه سبقُ قلمٍ من المصنِّف. والله أعلم" انتهَى.
• قلتُ: وليس في يد الغُمارِيِّ ما يَرُدُّ به على تَضعيفِ الحديثِ سوى قوله: "ليس هو بضعيفٍ. . . لاسيَّما إذا كان له شاهدٌ أو صدَّقه الواقع"، وأطال الكلامَ في ذلك كما رأيتَ. ولمَّا نظر إلى الحديثِ وتكلَّم بقانون العِلم لم يكُن مصيبًا؛ لأنَّه ذكر أنَّه مِن روايَة ابن لَهيعَة، قال: "وهو حَسَنُ الحديث إذا لم يُخالَف"، وقد خُولِف ابنُ لهيعَةَ كما يأتِي.
ولو سلَّمنا أنَّه لم يخالَف فإنَّه لم يُتابَع أيضًا عند الغُماريِّ، وهذا هُو التَّفرُّد عند العُلماء، وابنُ لهيعة إذا تفرَّد لا يُحسِّنُ أحدٌ يُحسِنُ النَّقدَ حديثَهُ، وإن فشَا ذلك في المتأخِّرين.
وقد صرَّح الذَّهَبيُّ في "الميزان" أن تفرُّد الصَّدُوق يُعدُّ مُنكَرًا، وهذا القولُ يحتاجُ إلى تفصيلٍ ليس هَاهُنا موضِعُهُ.
ولو سلَّمنا أيضًا أن ابنَ لهيعَةَ تُوبع فشَيخُهُ مجهولٌ ..
فقد أخرجَه أحمدُ (٥/ ٣٤٠) قال: حدَّثنا حَسَنُ بنُ مُوسَى، أخبَرَنا ابنُ لهيعَةَ، حدَّثَنا جميل الأسلَمِيُّ، عن سهل بن سعدٍ مرفوعًا.