للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن ذلك أيضًا:

أن السِّيُوطِيَّ ذكر حديث: "اللهُمَّ! لا يُدركني زمانٌ، ولا تُدرِكوا زمانًا، لا يُتَّبَعُ فيه العليمُ، ولا يُستَحيا فيه من الحَليم، قُلوبُهُم قُلوبُ الأعاجم، وألسِنَتُهُم ألسنةُ العَرَب"، قال الغُماريُّ (٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦):

"قال الشَّارحُ: "بإسنادٍ ضَعَّفوه". قلتُ: ليس هو بضعيفٍ، إنَّما هو مِن رواية ابن لهَيعَة، وحديثُهُ حَسَنٌ إذا لَم يُخالَف فيه، لاسيَّما إذا كان له شاهدٌ أو صدَّقه الواقعُ، كهذا. فإنَّ الزَّمان الذي وَصَفَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هو هذا، فإنَّه لا يُتَّبعُ فيه العليمُ، ولا يُستَحى فيه من الحليمِ، بل رفع الله من أهلِهِ الحَياءَ واحترامَ أهلِ الفضل والدِّين، وعدم الالتفات للعُلماء، بل أصبَحَ العليمُ فيه مرذولًا محتَقَرًا، لاسِيَّما الطَّائفةُ العَصْريَّةُ فإنَّهم لا يُقيمون للدِّين وأهله وزنًا، ولا يَرضَون عِلمَ عالِمٍ ولا إرشادَ مُرشِدٍ، بل يَرَون الحقَّ ما هُم عليه من التَّفَرنُج والفُجور والإلحاد والفِسقِ والكُفور، قلوبُهُم قلوبُ الأعاجمِ، وهَوَاهم هوى الفِرِنجِ، وحالُهُم حالُ الزَّنادقة، وألسِنَتُهُم ألسنةُ العرب، لَم يَبق لهم من الإسلام إلَّا اللِّسانُ والأسماءُ، فإذا قيل للواحد منهم: "إنَّ الدِّين الإسلامِيَّ يُنافِي ما أنتُم عليه" وتَلا القُرآنَ والسُّنَّةَ، قال: "أنتُم أعداءُ الدِّين، تُشَوِّهونه وتُنَفِّرون منه النَّاس، إنَّما الدِّين في القَلب، وما عدا ذلك من امتِثَال الأوَامر واجتِناب المناهي فغُلُوٌّ وتنطُّعٌ وضلالٌ من أهله يأكُلُون به أموال النَّاس". هذا حالُهُم، أصبحَ مشهورًا ذائعًا والنَّاسُ يَدخُلون معهم فيه أفواجًا أَفواجًا، فيُصبِح الرَّجُلُ مُؤمِنًا ويُمسي عصريًّا كافِرًا مُلحِدًا لسانُهُ لسَانُ العَرَب وقلبُهُ قلبُ