للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كلُّهُم عن حُمَيدٍ، عن أنسٍ.

وصرَّح حُمَيدٌ بالتَّحديث عند ابن حِبَّانَ.

• قلتُ: وقد طعن بعضُ الجُهلاء من أبناء عَصرنا في صِحَّة هذا الحديث؛ لأنَّ إثباتَه - بزعمِهِ - يُفقِد الثِّقةَ في نقل القُرآن، وَيفتَحُ البابَ أمام أعدائنا لإثباتِ أن القُرآن مُحرَّفٌ. ومُصيبَةُ هؤلاء أنَّهم لا يَقرؤُون ما كَتبَه العُلماء، ولا يَرفَعون له رأسًا.

وقد تكلَّم العُلماءُ في هذا المَعنَى ..

فذهَبَ الطَّحاوِيُّ إلى أن المَقصودَ بالحدِيث ليس القُرآنَ، وإنَّما ما كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُمليه على ذلك الكاتِبِ أن يَكتبهُ إلى النَّاس في دعائه إيَّاهم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فيكتُبُ الكاتِبُ خلافَهَا ممَّا معنَاها مَعناها، إذ كانت كلُّها من صفات الله عَزَّ وَجَلَّ.

وعلى التَّسليم بأنَّ لفظة "القُرآن" ثابتة وليست شاذَّةً، فقد وجَّهها البَيهَقِيُّ، فقال:

"قلتُ: ويُحتَمَل أنَّه إنَّما أجاز قراءةَ بعضِها بدل بعضٍ لأنَّ كلَّ ذلك مُنزَّلٌ، فإذا بدَّل بعضَها ببعضٍ فكأنَّه قرأ مِن هاهنا ومن هاهنا، وكل قرآن، وأطلَقَ للكاتِبِ كتابَةَ ما شاء مِن ذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُعرَضُ عليه القُرآنُ في كلِّ عامٍ مرَّةً، فلمَّا كان العامُ الذي قُبِض فيه عُرِض عليه مرَّتين، فكان الاعتبارُ بما تقعُ عليه القراءةُ عِند إكمال الدِّين وتناهِي الفرَائض، فكان لا يُبالِي بما يُكتَب قبل العَرض من اسمٍ من أسماء الله مكان اسمٍ، فلمَّا استقرَّت القراءةُ على ما اجتمعت عليه الصَّحابةُ وأثبَتُوهُ في المَصاحِف على اللُّغات التي قرؤُوه عليها، صار ذلك إمامًا يُقتَدَى به لا يجوزُ مُفارَقتُهُ بالقصد، إلَّا أن يَزِلَّ الحِفظُ فيُبدِّل اسمًا بِاسمٍ مِن غير قصدٍ، فلا يحرُجُ ذلك إن شاء الله تعالى" انتهَى.