وأخرج أبُو داود (٢٤٥)، وأحمد (٦/ ٣٣٦)، والإسماعيليُّ، وأبو عَوَانة في "المُستخرَج" عن الأعمشِ، أنَّهُ سأل إبراهيم النَّخَعيَّ عن ردِّ المِنديلِ، فقال:"كانوا لا يَرَوْن بالمنديل بأسًا، ولكن كانُوا يَكرَهُون العادة".
وقال التَّيمِيُّ:"في هذا الحديث دليلٌ على أنَّهُ كان يتَنَشَّف، ولولا ذلك لم تأته بالمنديل"، وهو فهمٌ حسنٌ.
وهناك جوابٌ آخرُ، وهو: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال فيما رواه مُسلِمٌ (٢٤٤/ ٣٢) وغيرُهُ من حديث أبي هُريرة - رضي الله عنه -: "إذا توضَّأَ العبدُ المُسلِمُ - أو: المؤمنُ -، فغَسَل وجهَه، خرج من وجهه كلُّ خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء - أو: مع آخرِ قَطْرِ الماءِ - … الحديث"، فلعل تركُه التَّنشيفَ لمُراعاة ذلك. وإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُبرَّأُ من الدَّنَس، المَغفُورُ ذنبُه كلُّه، يفعلُ ذلك، فمن باب أولى نفعلُه نحنُ، وهو إنَّما فعله لنتَأَسَّى به.
وتُعُقِّب هذا الجَوابُ، بأنَّ ميمونة - رضي الله عنها - لمَّا أعطته المنديل، لم يأخذه وجعل ينفض يده بالماء، وهذا داخلٌ في باب الإزالة، فهو يَستَوِي معَ التَّنشيفِ.
وهذا التَّعقُّب لا يَخفَى ضعفُه؛ لأن نفضَ اليدِ لا يَمنَع قَطْرَ الماء وانفصالَه عن العُضو.
وفي المسألة بسطٌ.
وحاصل الجواب، أنَّ التَّنشيف جائزٌ.
وأخرج ابن المُنذِر في "الأوسط"(١/ ٤١٥)، والأثرمُ في "سُنَنِه"