لِقَوْلِهِ ﵊ «إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا» (وَلَوْ سَدَلَتْ شَيْئًا عَلَى وَجْهِهَا وَجَافَتْهُ عَنْهُ جَازَ) هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂، وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمُحْمَلِ (وَلَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ (وَلَا تَرْمُلُ وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ) لِأَنَّهُ مُخِلٌّ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ (وَلَا تَحْلِقُ وَلَكِنْ تُقَصِّرُ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ نَهَى النِّسَاءَ عَنْ الْحَلْقِ وَأَمَرَهُنَّ بِالتَّقْصِيرِ» وَلِأَنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ فِي حَقِّهَا مُثْلَةٌ كَحَلْقِ اللِّحْيَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ (وَتَلْبَسُ مِنْ الْمَخِيطِ مَا بَدَا لَهَا) لِأَنَّ فِي لُبْسِ غَيْرِ الْمَخِيطِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ. قَالُوا: وَلَا تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ إذَا كَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ، لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْ مُمَاسَّةِ الرِّجَالِ إلَّا أَنْ تَجِدَ الْمَوْضِعَ خَالِيًا.
قَالَ (وَمَنْ قُلِّدَ بَدَنَةً تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ وَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَقَدْ أَحْرَمَ) لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً فَقَدْ أَحْرَمَ» وَلِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ فِي إظْهَارِ الْإِجَابَةِ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ، وَإِظْهَارُ الْإِجَابَةِ قَدْ
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ) يَعْنِي صَيْدًا قَتَلَهُ فِي إحْرَامٍ مَاضٍ (أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ) كَبَدَنَةِ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ (وَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَقَدْ أَحْرَمَ لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً فَقَدْ أَحْرَمَ» وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَنَا لَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهَا كَتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَقْلِيدُ الْبَدَنَةِ وَالتَّوَجُّهُ مَعَهَا إلَى الْحَجِّ يَقُومُ مَقَامَ التَّلْبِيَةِ (وَلِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ فِي إظْهَارِ إجَابَةِ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ ﵊ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ) قِيلَ قَوْلُهُ وَإِظْهَارُ الْإِجَابَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ إنَّ إنْ قُرِئَ مَنْصُوبًا، وَعَلَى مَحَلِّهِ إنْ قُرِئَ مَرْفُوعًا، فَهُوَ دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى كَوْنِ السَّوْقِ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ.
وَأَقُولُ: هُوَ مِنْ تَمَامِ الْأَوَّلِ. وَتَقْرِيرُهُ: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّلْبِيَةِ إظْهَارُ الْإِجَابَةِ، وَإِظْهَارُ الْإِجَابَةِ قَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَمَا يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute