يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ فَيَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا لِاتِّصَالِ النِّيَّةِ بِفِعْلٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ. وَصِفَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يَرْبِطَ عَلَى عُنُقِ بَدَنَتِهِ قِطْعَةَ نَعْلٍ أَوْ عُرْوَةَ مُزَادَةٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ (فَإِنْ قَلَّدَهَا وَبَعَثَ بِهَا وَلَمْ يَسْقِهَا لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﵊ فَبَعَثَ بِهَا وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ حَلَالًا» (فَإِنْ تَوَجَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا حَتَّى يُلْحِقَهَا) لِأَنَّ عِنْدَ التَّوَجُّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ هَدْيٌ يَسُوقُهُ لَمْ يُوجَدْ
بِالْقَوْلِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ يَا فُلَانُ فَإِجَابَتُهُ تَارَةً تَكُونُ بِلَبَّيْكَ وَتَارَةً بِالْحُضُورِ وَالِامْتِثَالِ بَيْنَ يَدَيْهِ (فَيَصِيرُ بِهِ) أَيْ بِالسَّوْقِ (مُحْرِمًا لِاتِّصَالِ النِّيَّةِ بِفِعْلٍ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ) فَحَصَلَ الْإِجَابَةُ لَبَّى أَوْ لَمْ يُلَبِّ، وَإِنَّمَا قَالَ بَدَنَةً لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّقْلِيدَ لِئَلَّا يُمْنَعَ مِنْ الْمَاءِ وَالْعَلَفِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ هَدْيٌ، وَهَذَا فِيمَا يَغِيبُ عَنْ صَاحِبِهِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُهُ يَضِيعُ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ قَلَّدَهَا وَبَعَثَ بِهَا) ظَاهِرٌ وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ مُخْتَلِفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا قَلَّدَهَا صَارَ مُحْرِمًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا تَوَجَّهَ فِي أَثَرِهَا صَارَ مُحْرِمًا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا أَدْرَكَهَا وَسَاقَهَا صَارَ مُحْرِمًا، فَأَخَذْنَا بِالْمُتَيَقَّنِ وَقُلْنَا إذَا أَدْرَكَهَا وَسَاقَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute