للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ إلَّا مُجَرَّدَ النِّيَّةِ، وَبِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا، فَإِذَا أَدْرَكَهَا وَسَاقَهَا أَوْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهُ بِعَمَلٍ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ فَيَصِيرُ مُحْرِمًا كَمَا لَوْ سَاقَهَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَالَ (إلَّا فِي بَدَنَةِ الْمُتْعَةِ فَإِنَّهُ مُحْرِمٌ حِينَ تَوَجَّهَ) مَعْنَاهُ إذَا نَوَى الْإِحْرَامَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَجْهُ الْقِيَاسِ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا.

وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَشْرُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ نُسُكًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَضْعًا لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَكَّةَ، وَيَجِبُ شُكْرًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ، وَغَيْرُهُ قَدْ يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مَكَّةَ فَلِهَذَا اكْتَفَى فِيهِ بِالتَّوَجُّهِ، وَفِي غَيْرِهِ تَوَقُّفٌ عَلَى حَقِيقَةِ الْفِعْلِ

(فَإِنْ جَلَّلَ بَدَنَةً أَوْ أَشْعَرَهَا أَوْ قَلَّدَ شَاةً لَمْ يَكُنْ

صَارَ مُحْرِمًا لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

وَقَوْلُهُ (فَإِذَا أَدْرَكَهَا وَسَاقَهَا أَوْ أَدْرَكَهَا) رَدَّدَ بَيْنَ السَّوْقِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ. شَرَطَ فِي الْمَبْسُوطِ السَّوْقَ مَعَ اللُّحُوقِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ السَّوْقَ بَعْدَ اللُّحُوقِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالْمُصَنِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.

وَقَوْلُهُ (فَقَدْ اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهُ بِعَمَلٍ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ) أَمَّا إذَا سَاقَ الْهَدْيَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا أَدْرَكَ وَلَمْ يَسُقْ وَسَاقَ غَيْرُهُ فَلِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ. وَقَوْلُهُ (إلَّا فِي بَدَنَةِ الْمُتْعَةِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا حَتَّى يَلْحَقَهَا. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَاهُنَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ فِي بَدَنَةِ الْمُتْعَةِ إنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالتَّقْلِيدِ وَالتَّوَجُّهِ إذَا حَصَلَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنْ حَصَلَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا مَا لَمْ يُدْرِكْ الْهَدْيَ وَيَسِرْ مَعَهُ، هَكَذَا فِي الرُّقَيَّاتِ لِأَنَّ تَقْلِيدَ هَدْيِ الْمُتْعَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ الْمُتْعَةِ، وَأَفْعَالُ الْمُتْعَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يُعْتَدُّ بِهَا فَيَكُونُ تَطَوُّعًا، وَفِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ مَا لَمْ يُدْرِكْ وَيَسِرْ مَعَهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَقَوْلُهُ (وَجْهُ الْقِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ إلَخْ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ.

وَقَوْلُهُ (عَلَى الِابْتِدَاءِ) احْتِزَازٌ عَمَّا وَجَبَ جَزَاءً. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَكَّةَ) دَلِيلُ كَوْنِهِ نُسُكًا. وَقَوْلُهُ (وَيَجِبُ شُكْرًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ) بَيَانُ اخْتِصَاصِهِ بِمَكَّةَ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَكَّةَ فَكَانَ هَدْيُ الْمُتْعَةِ مُخْتَصًّا بِمَكَّةَ (وَغَيْرُهُ قَدْ يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ) بِأَنْ أَصَابَ صَيْدًا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَكَّةَ.

وَقَوْلُهُ (فَإِنْ جَلَّلَ بَدَنَةً أَوْ أَشْعَرَهَا) التَّجْلِيلُ: إلْبَاسُ الْجَلِّ، وَإِشْعَارُ الْبَدَنَةِ: إعْلَامُهَا بِشَيْءٍ أَنَّهَا هَدْيٌ، مِنْ الشِّعَارِ: وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>