للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَكُونُ عُمْرَتُهُ مِيقَاتِيَّةً وَحَجَّتُهُ مَكِّيَّةً وَنُسُكَاهُ هَذَانِ مِيقَاتِيَّانِ. وَلَهُ أَنَّ السَّفْرَةَ الْأُولَى قَائِمَةٌ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى وَطَنِهِ، وَقَدْ اجْتَمَعَ لَهُ نُسُكَانِ فِيهَا فَوَجَبَ دَمُ التَّمَتُّعِ (فَإِنْ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ فَأَفْسَدَهَا وَفَرَغَ مِنْهَا وَقَصَّرَ ثُمَّ اتَّخَذَ الْبَصْرَةَ دَارًا ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) (وَقَالَا: هُوَ مُتَمَتِّعٌ)؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءُ سَفَرٍ وَقَدْ تَرَفَّقَ فِيهِ بِنُسُكَيْنِ.

وَلَهُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى سَفَرِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى وَطَنِهِ (فَإِنْ كَانَ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا)؛ لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءُ سَفَرٍ لِانْتِهَاءِ السَّفَرِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ اجْتَمَعَ لَهُ نُسُكَانِ صَحِيحَانِ فِيهِ، وَلَوْ بَقِيَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى الْبَصْرَةِ حَتَّى اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهٍ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ مَكِّيَّةٌ وَالسَّفَرُ الْأَوَّلُ انْتَهَى بِالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَا تَمَتُّعَ لِأَهْلِ مَكَّةَ.

(وَمَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَأَيُّهُمَا

الْجَصَّاصُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُلْبِسٌ لِأَنَّهُ قَالَ فَقِيلَ هُوَ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي كَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا وَفِي كَوْنِهِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا. وَالثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَصَّاصُ. وَرَوَى الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ عَنْ أَبِي عِصْمَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ: يَعْنِي الْجَامِعَ الصَّغِيرَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَهَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَكُونُ عُمْرَتُهُ مِيقَاتِيَّةً وَحَجَّتُهُ مَكِّيَّةً، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نُسُكَيْهِ مِيقَاتِيَّانِ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ حَلَالًا وَعَادَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَكَانَ كَالْمُلِمِّ بِأَهْلِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ السَّفْرَةَ الْأُولَى قَائِمَةٌ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى أَهْلِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمِيقَاتِ حَتَّى عَادَ وَحَجَّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَى أَهْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ. وَعِنْدَهُمَا أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَصَلَ إلَى أَهْلِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ فَوَجَبَ دَمُ التَّمَتُّعِ وَلَمْ يَقُلْ: فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ وُجُوبِ الدَّمِ، فَقَالَ: وَجَبَ دَمُ التَّمَتُّعِ وَهُوَ دَمُ قُرْبَةٍ لِكَوْنِهِ دَمَ شُكْرٍ؛ وَلِهَذَا حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْهُ فَيُصَارُ إلَى إيجَابِهِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ احْتِيَاطًا.

وَقَوْلُهُ: (فَإِنْ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ) أَيْ: بِإِحْرَامِ عُمْرَةٍ (فَأَفْسَدَهَا) بِأَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ (وَفَرَغَ مِنْهَا) يَعْنِي مَضَى (وَقَصَّرَ) وَتَحَلَّلَ (ثُمَّ اتَّخَذَ الْبَصْرَةَ دَارًا ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) أَيْ: قَضَى الْعُمْرَةَ الَّتِي أَفْسَدَهَا، (وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي إذَا كَانَ خُرُوجُهُ إلَى الْبَصْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَمَّا إذَا خَرَجَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>